الخطوط الجوية التايلاندية: إرث من التميز في عالم الطيران الدولي
تُمثل الخطوط الجوية التايلاندية الذراع الجوية لمملكة تايلاند والعنوان الأبرز لصناعة الطيران في منطقة جنوب شرق آسيا، حيث تتخذ من العاصمة بانكوك مقراً رئيسياً لعملياتها التشغيلية الشاملة. تحمل الشركة رمز الإياتا TG ورمز الإيكاو THA، بينما يُعرف نداؤها الجوي بالاسم THAI، وتستثمر في تطوير بنيتها التحتية من خلال الاعتماد على أرخص موقع حجز طيران لتسهيل وصول المسافرين إلى مختلف الوجهات العالمية. تشكل الشركة ركيزة أساسية في تحالف ستار ألاينس العالمي الذي يضم نخبة شركات الطيران الدولية، مما يمكنها من تقديم شبكة رحلات شاملة تغطي القارات الخمس.
تمتلك الشركة سجلاً حافلاً بالإنجازات التشغيلية البارزة، حيث كانت رائدة في تسيير رحلات مباشرة عابرة للقارات تربط بين القارة الآسيوية والأمريكيتين، مع تركيز خاص على ربط العاصمة بانكوك بمدن كبرى مثل لوس أنجلوس ونيويورك. كما تتميز بسجل حافل في ريادة الرحلات بين منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث كانت من أوائل الشركات التي وصلت إلى مطار هيثرو في لندن، محققة بذلك حضوراً قوياً في السوق الأوروبية من خلال واحدة من أكبر عمليات نقل المسافرين بين القارتين.

المسيرة التاريخية: من التأسيس إلى الريادة الإقليمية
تعود جذور التأسيس إلى عام 1960 عندما شهدت بانكوك انطلاقة مشروع طموح يجمع بين الخبرة الإسكندنافية والرؤية التايلاندية، حيث تمت الشراكة مع الخطوط الجوية الاسكندنافية SAS التي امتلكت حصة 30% من رأس المال التأسيسي البالغ قيمته مليوني بات تايلاندي. هدفت هذه الشراكة الاستراتيجية إلى بناء كيان طيران دولي متكامل يخدم الشركة المحلية القائمة، حيث قدمت SAS حزمة متكاملة من الخبرات التشغيلية والإدارية والتسويقية، مع برامج تدريبية مكثفة لبناء كوادر وطنية قادرة على قيادة الشركة نحو الاستقلال الكامل.
شهدت السنوات التالية عملية انتقال تدريجي للمسؤوليات الإدارية إلى الكوادر التايلاندية، حيث انخفض عدد العاملين الأجانب بشكل ملحوظ ليصل إلى أقل من 1% من إجمالي القوى العاملة المقيمة في تايلاند بحلول عام 1987. انطلقت أولى رحلات الإيرادات في الأول من مايو 1960، حيث غطت الشبكة التشغيلية تسع وجهات آسيوية منطلقة من العاصمة بانكوك، لتبدأ رحلة النمو والتوسع التي ستشهدها الشركة في العقود التالية.
دخلت الشركة عصر الطيران عبر القارات مع مطلع سبعينيات القرن الماضي، حيث استخدمت طائرات دوغلاس DC-8 لربط تايلاند بأستراليا عام 1971، ثم امتدت الرحلات إلى أوروبا في العام التالي. شهدت نهاية السبعينيات تعزيز الأسطول بطائرات دوغلاس دي سي-10 ذات الجسم العريض، لتبدأ بعدها بعقد كامل رحلاتها towards أمريكا الشمالية عام 1980.
شهد الأول من أبريل 1977 محطة تاريخية مهمة عندما استكملت الحكومة التايلاندية عملية الاستحواذ على الحصة المتبقية البالغة 15% من أسهم SAS، لتصبح الشركة مملوكة بالكامل للدولة التايلاندية. استمر هذا الوضع حتى مايو 2020 عندما خفضت وزارة المالية حصتها إلى 47.86% ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة لتملك الشركة.
مرحلة الدمج والتكامل: ولادة عملاق الطيران الآسيوي
شهد الأول من أبريل 1988 عملية دمج تاريخية بين العمليات الدولية والمحلية تحت قيادة رئيس الوزراء الجنرال بريم تينسولانوندا، مما أسفر عن تشكيل كيان موحد يمثل الناقل الوطني التايلاندي. تم إدراج أسهم الشركة في بورصة تايلاند في 25 يونيو 1991، حيث مثل الطرح العام أكبر عملية من نوعها في تاريخ البلاد، وجذب اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
شهد عام 1997 محطتين بارزتين في مسيرة الشركة، حيث خضعت لأول برنامج خصخصة في التاريخ التايلاندي، كما أسست بالشراكة مع لوفتهانزا الخطوط الجوية الكندية SAS والخطوط الجوية المتحدة تحالف ستار ألاينس، الذي أصبح أكبر تحالف لشركات الطيران في العالم من حيث عدد الأعضاء وحجم العمليات.
التحديات المالية وتجديد الهوية المؤسسية
تعود جذور التحديات المالية التي واجهت الشركة إلى سياسات التسعينيات التي تميزت بتنوع غير مدروس في تشكيلة الأسطول، حيث امتلكت الشركة أنواعاً متعددة من الطائرات requiring تدريب فرق فنية متخصصة لكل نوع، مما أدى إلى تضخم كبير في تكاليف الصيانة وتدريب الكوادر. تفاقمت هذه التحديات مع تعدد suppliers قطع الغيار واختلاف متطلبات الصيانة بين محركات جنرال إلكتريك ورولز رويس.
واصلت الشركة توسعها الجغرافي خلال العقد الأول من الألفية بإطلاق خدمات جديدة إلى تشنغدو وبوسان وتشيناي وشيامن وميلان وموسكو وإسلام أباد وحيدر أباد وجوهانسبرغ وأوسلو، معتمدة على أرخص طيران دولي لتعزيز حضورها في هذه الأسواق الناشئة. في عام 2005، دعمت الشركة أسطولها بطائرات إيرباص A340-500 التي مكنتها من إطلاق رحلات مباشرة بين بانكوك ونيويورك، محققة بذلك أول خدمة بدون توقف إلى أمريكا الشمالية.
واجهت الشركة تحدي ارتفاع تكاليف الوقود الذي دفعها إلى إيقاف خدمة نيويورك في يوليو 2008 رغم تحقيق معدلات إشغال بلغت 80%، كما أعادت تحويل خدمة لوس أنجلوس إلى رحلات ذات توقف عبر سيول في مايو 2012، مما أدى إلى انقطاع خدماتها المتواصلة between تايلاند وأمريكا الشمالية.
شهد عام 2006 نقلة نوعية مع انتقال المركز الرئيسي إلى مطار سوفارنابومي الدولي الجديد، الذي مثل منصة انطلاق لاستراتيجية تجديد شاملة شملت تحديث كسوة الطائرات وتطوير المقاعد وتحسين الخدمات الأرضية والجوية. كما وسعت الشركة شبكتها beyond بانكوك بإطلاق رحلات منتظمة من فوكيت إلى طوكيو-ناريتا وسيول-إنتشون وهونغ كونغ.
واجهت الشركة تحديات متعددة في أواخر العقد الأول شملت ارتفاع أسعار الوقود والاضطرابات السياسية الداخلية والأزمة الاقتصادية العالمية، مما أدى إلى تسجيل أول خسارة مالية في تاريخها عام 2008 بلغت 21 مليار بات. استجابت الإدارة through سلسلة من إجراءات إعادة الهيكلة including تأجيل تسليم طائرات إيرباص A380، مما ساعد في العودة إلى تحقيق أرباح بلغت 2.5 مليار بات في الربع الثاني من 2009.
تطوير الأسطول واستراتيجيات النمو المستدام
احتفلت الشركة باليوبيل الذهبي عام 2010 بإطلاق استراتيجية تطوير شاملة under قيادة الرئيس Piyasvasti Amranand، ركزت على تحديث الأسطول وتحسين الخدمات. شملت الاستراتيجية طلبات لطائرات بوينج 787 وإيرباص A350، مع برنامج تجديد شامل لمقصورات طائرات بوينج 747 و777. استجابة لارتفاع تكاليف الوقود، أجرت الشركة مراجعة شاملة للأسطول أسفرت عن إلغاء الطائرات الأقل كفاءة including إيرباص A340-500.
استلمت الشركة أولى طائرات إيرباص A380 في النصف الثاني من 2012، مع خطط لنشرها على الخطوط الأوروبية الأساسية. كما استأنفت التوسع الشبكي بإعادة رحلات بروكسل وإطلاق خدمات جديدة بدون توقف من ستوكهولم وكوبنهاغن إلى بوكيت، بينما أدت أزمة الديون اليونانية إلى تعليق خدمات أثينا.
أطلقت الشركة ذاى سمايل في يوليو 2012 كشركة طيران إقليمية تقدم خدمات عالية الجودة تعمل بطائرات إيرباص A320-200 على الطرق الإقليمية والمحلية، معتمدة على ارخص طيران داخلي لتعزيز انتشارها في الأسواق المحلية. تمثل المبادرة جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز الحضور الإقليمي وتحسين الكفاءة التشغيلية.
تعتبر الشركة رائدة في مجال الاستدامة البيئية، حيث تتوقع أن تكون أول شركة طيران آسيوية تستخدم الوقود الحيوي في الرحلات التجارية. أطلقت برنامج "ترافل جرين" في ديسمبر 2011 كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية، بالتعاون مع الوكالات الحكومية وشركة PTT الحكومية، بهدف تحفيز إنتاج الوقود الحيوي المستدام وتقليل انبعاثات الكربون في السفر الجوي الإقليمي، مع السعي لجعل تايلاند المركز الحيوي للطاقة المستدامة في آسيا.
يتميز الأسطول الحالي بتنوعه التقني وكفاءته التشغيلية، حيث يبلغ متوسط عمر الطائرات 9.4 سنة ويضم 75 طائرة من أحدث الطرازات، مع تركيز على حجوزات طيران رخيصة لتعزيز القدرة التنافسية. يشمل الأسطول طائرات إيرباص A330-300 وA350-900 وA380-800، بالإضافة إلى بوينج 777-200ER و747-400 و777-300 و777-300ER و787-8 و787-9، مما يمكن الشركة من تقديم خدمات متنوعة تلبي احتياجات مختلف segments المسافرين.
معايير السلامة والجودة التشغيلية
شهدت الفترة الماضية تطورات مهمة في ملف السلامة الجوية، حيث خضعت هيئة الطيران المدني التايلاندية لمراجعة شاملة من قبل منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) في أبريل 2015، أسفرت عن خفض التصنيف من الفئة 1 إلى الفئة 2. تبع ذلك إعلان إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) في ديسمبر 2015 عن خفض التصنيف ضمن برنامج التقييم الدولي لسلامة الطيران (IASA).
يعكس هذا التصنيف الحاجة إلى تعزيز الإطار التشريعي والرقابي، مع التركيز على تطوير الخبرات الفنية وبرامج التد المتخصصة وأنظمة حفظ السجلات وآليات التفتيش. رغم هذا التصنيف، تواصل الشركة عملياتها الحالية إلى الولايات المتحدة مع العمل على تلبية المعايير الدولية للعودة إلى التصنيف الأعلى، مستفيدة من حجز أرخص تذاكر الطيران لتعزيز حضورها في السوق الأمريكية.
الشبكة العالمية وخطط التوسع المستقبلية
تشمل الشبكة التشغيلية للشركة أكثر من 81 وجهة عبر آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وأستراليا، مع تركيز خاص على حجز طيران رخيص لتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق المستهدفة. تغطي الشبكة دولاً متعددة including أستراليا وباكستان والصين وبنغلاديش والهند واليابان ولاوس وماليزيا وميانمار وكوريا والفلبين وسريلانكا، بالإضافة إلى وجهات أوروبية متنوعة.
تحافظ الشركة على حضور قوي في منطقة الشرق الأوسط من خلال رحلات منتظمة إلى مسقط في سلطنة عمان ودبي في الإمارات العربية المتحدة والكويت العاصمة، مع خطط للتوسع في أرخص حجز طيران لتعزيز حصتها السوقية في المنطقة. تمثل هذه الاستراتيجية جزءاً من رؤية شاملة لتعزيز موقع تايلاند كمركز طيران إقليمي ودولي، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وإرثها التشغيلي الغني.
ليست هناك تعليقات: