الخميس، 28 مارس 2019

مطار دهوك الدولي Duhok international airport

يقع مشروع مطار دهوك الدولي شمال قضاء سميل بمحافظة دهوك، وهو أحد أكبر المشاريع المتوقفة في قطاع الطيران المدني بإقليم كردستان العراق. المطار لا يزال غير مكتمل حتى عام 2025، لكنه مُسجَّل رسميًا لدى المنظمات الدولية برمز إياتا (DHK) وإيكاو (ORDD)، ما يعكس النية لتشغيله كمرفق معتمد بمجرد انتهاء الأعمال. المشروع صُمم ليكون ثالث مطار دولي في الإقليم إلى جانب أربيل والسليمانية، وليخدم شمال وغرب كردستان بشكل خاص.مطار دهوك الدولي Duhok international airport

تاريخ مشروع مطار دهوك الدولي وأهم المحطات التنموية

أُعلن عن مشروع مطار دهوك الدولي عام 2012، وبدأت أعمال التنفيذ بقيادة شركة لبنانية ثم أُسندت مراحل لاحقة لشركات أخرى، مع آمال في أن يساهم المطار الجديد في تعزيز النشاط التجاري والسياحي بالمحافظة. إلى جانب ذلك، يُذكر أن إقليم كردستان يضم مطارين عاملين هما السليمانية وأربيل.

في بداية المشروع، تم تكليف شركة "دار الهندسة" اللبنانية بالإشراف على التصميمات الأولية والدراسات الفنية، تلاها منح عقد تنفيذ البنية التحتية لتحالف كوري متخصص. كان الهدف حينها هو بناء مطار حديث بمواصفات دولية بتكلفة أولية قُدرت بحوالي 200 مليون دولار، ليكون بوابة اقتصادية جديدة للمنطقة الغربية من إقليم كردستان.

توقف وتراجع الأعمال فى مطار دهوك الدولي

في عام 2014، تعرض مشروع المطار إلى تجميد كامل بعد أن استُنزف التمويل المخصص له في ظل التوترات الأمنية المرتبطة بظهور تنظيم داعش، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي واجهتها حكومة الإقليم نتيجة تراجع أسعار النفط. ورغم محاولات متفرقة لإعادة إطلاق المشروع عام 2015، ومنها حفل رسمي لوضع حجر الأساس في يوليو من ذلك العام، فإن العمل لم يتجاوز مرحلة الأعمال الترابية وصب بعض الأساسات. خلال الفترة 2016–2018، ظل المشروع شبه متوقف مع إنجاز لا يتعدى 10% من المخطط، وسط نزاعات قانونية حول ملكية أراضٍ مخصصة لمسار المدرج.

على مدى العقد الماضي، ظل المشروع عالقًا في دائرة التأجيلات، حيث تبادلت الجهات المعنية في أربيل وبغداد المسؤولية عن تأخير الإطلاق. كما أن التقلبات الاقتصادية التي شهدها الإقليم، بما في ذلك أزمة الرواتب وانخفاض أسعار النفط، أعاقت أي محاولة جادة لإعادة تشغيل المشروع.

الوضع الحالي (2025)

حتى تاريخ 2025، لا يزال مطار دهوك الدولي في حالة توقف كامل عن الإنشاء، ولا توجد مؤشرات واضحة على استئناف العمل قريبًا. لم يتم تشغيل أي جزء من البنية التحتية، رغم إتمام بعض الأعمال الترابية الأولية وصب أساسات جزئية لما كان سيصبح محطة الركاب.

مع ذلك، تستمر الحكومة المحلية في دهوك بالإعراب عن أهمية المشروع، وتعتبره أحد المشاريع الاستراتيجية المستقبلية. وفي عدة بيانات رسمية خلال 2023 و2024، أشار مسؤولون إلى أن هناك دراسات جارية لإعادة تقييم الجدوى الاقتصادية للمطار، وبحث سبل جذب استثمارات خاصة أو شراكات دولية لإكماله.

ويُنظر إلى المشروع كأحد الحلول الطويلة الأمد لتخفيف الضغط عن مطار أربيل الدولي، وفتح طرق جوية مباشرة مع دول الجوار مثل تركيا وإيران، فضلًا عن تعزيز السياحة في منطقة دهوك التي تتمتع بمقومات طبيعية وثقافية كبيرة.

البنية التحتية والمرافق المخطط لها في مشروع مطار دهوك الدولي

بحسب المخططات الأولية، كان المطار سيُقام على مساحة تُقارب 1500 هكتار، مع مبنى ركاب بمساحة 18,000 متر مربع قابل للتوسع ليخدم حتى مليون مسافر سنويًا. يتضمن التصميم إنشاء مدرج رئيسي بطول 3,850 متر مزود بأنظمة هبوط آلي من المستوى CAT II تسمح باستقبال الطائرات متوسطة الحجم مثل إيرباص A320 وحتى طائرات أكبر عند الحاجة.

الخطط شملت أيضًا بناء برج مراقبة مجهز بأحدث أنظمة الرادار، و7 جسور صعود (Jet Bridges)، إضافة إلى مناطق تسوق حرة ومطاعم وصالات رجال الأعمال، إلى جانب مرافق جمركية وأمنية.

لكن مع مرور الوقت، ظهرت نقاشات جديدة (2023–2024) حول ضرورة تحديث هذه المخططات بما يتماشى مع المعايير التقنية الأحدث للطيران الأخضر، مثل استخدام أنظمة طاقة شمسية للإضاءة واعتماد حلول أكثر استدامة في التكييف والبنية التشغيلية.

كما كانت تخطط إدارة المشروع لاستثمار ما يقارب 450 مليون دولار في كامل البنية التحتية، مع التركيز على استخدام تقنيات صديقة للبيئة في الإضاءة والتكييف، واعتماد تصميم معماري يعكس الهوية الثقافية للمنطقة الكردية.

التحديات والآفاق المستقبلية لمشروع مطار دهوك الدولي

يواجه مشروع مطار دهوك الدولي تحديات متعددة، أبرزها:

  • التقشف المالي: استمرار أزمة السيولة في موازنة حكومة إقليم كردستان.
  • الخلافات السياسية: الخلاف المستمر حول الصلاحيات بين بغداد وأربيل، وخاصة في ملفات الاستثمار والموارد.
  • الجدوى الاقتصادية: تساؤلات حول الحاجة الفعلية لمطار ثالث في إقليم يعتمد حاليًا على مطارَين فقط، مع انخفاض الكثافة السكانية في محافظة دهوك مقارنةً بأربيل.
  • التنافس الإقليمي: قرب المطار من الحدود التركية، مما قد يستدعي تنسيقًا أمنيًا واقتصاديًا مع أنقرة.

إلا أن هناك تفاؤلًا حذرًا بين الخبراء الاقتصاديين، الذين يرون أن اكتمال المطار قد يفتح أبوابًا جديدة أمام الاستثمار في الزراعة والصناعة والسياحة في غرب كردستان، خاصة إذا تم ربطه بشبكة طرق حديثة ومشروعات لوجستية.

في المجمل، يبقى مطار دهوك الدولي رمزًا لطموح تنموي كبير، لكنه أيضًا نموذج على التحديات التي تواجه مشاريع البنية التحتية الكبرى في البيئات ذات التحولات السياسية والمالية المعقدة. مستقبله يعتمد على توافق سياسي، واستقرار مالي، ورؤية استراتيجية طويلة الأمد.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك