تُعرف ضربة الطيور بأنها حادثة تقع عندما تصطدم الطيور بالطائرة خلال إحدى مراحل الطيران، سواء في الجو، أثناء الإقلاع أو عند الهبوط. تُعد هذه الظاهرة من أخطر المهددات لسلامة الطيران حول العالم، حيث إن الطيور يمكن أن تسبب أضرارًا مباشرة للمحركات أو هياكل الطائرات. وفي بعض الحالات، يوسع الخبراء التعريف ليشمل اصطدام الطائرات بحيوانات أخرى مثل الخفافيش أو حتى الحيوانات البرية التي قد تتواجد في محيط المدارج. ورغم أن هذا النوع من الحوادث شائع نسبيًا، إلا أن تأثيره يختلف بشكل كبير تبعًا لحجم الطائرة والمحركات وطبيعة التصادم.
تشكل الطائرات المزودة بمحركات نفاثة خطورة أكبر عند التعرض لضربات الطيور، إذ إن ابتلاع المحرك لعدد من الطيور قد يؤدي إلى انخفاض مفاجئ في قوة الدفع أو حتى تعطل كامل للمحرك. مثل هذه الحالات تمثل تهديدًا جديًا، خصوصًا عند المراحل الحرجة من الرحلة كالإقلاع أو الهبوط. ورغم أن الشركات المصنعة تختبر محركاتها تحت ظروف اصطدام محاكاة للتأكد من تحملها، تبقى ضربة الطيور واحدة من أبرز المخاطر التشغيلية التي لا يمكن السيطرة عليها بالكامل.
قد تحدث "ضربة طير" خلال أي مرحلة من مراحل الرحلة ولكن تزداد فرص حدوثها خلال مرحلة الاقلاع و التسلق الأولية، و مرحلة الاقتراب من المطار والهبوط، وذلك نظرا لازدياد أعداد الطيور في مستويات الهواء الأدنى. وبما أن معظم الطيور تطير بشكل رئيسي خلال النهار، تحدث معظم حوادث الاصطدام بالطيور خلال ساعات النهار أيضا.

تأثيرات الاصطدام بالطيور أو "ضربة الطيور"
تختلف طبيعة الضرر الناتج من ضربات الطيور وفقا لحجم و تصميم الطائرات، ولكنه يمكن أن يكون كبير بما فيه الكفاية لخلق خطرا كبيرا على استمرارية و أمان الرحلة. فالطائرات الصغيرة أو ذات المحركات المروحية هي الأكثر احتمالا للتعرض لآثار خطرة كالإضرابات أو الأضرار الهيكلية، مثل اختراق الزجاج الأمامي لطاقم قيادة الطائرة أو عدم القدرة علي السيطرة على مجموعة الذيل.أما بالنسبة للطائرات النفاثة و الكبيرة فتكون أكثر الاخطار متعلقة بعواقب ابتلاع محرك الطائرة لأسراب الطيور. مما قد يسبب فشل كامل للمحرك أو فقدان الطاقة، حتى على محرك واحد فقط، فقد يكون ذلك الوضع خطيرا وحاسما خلال مرحلة الإقلاع خصوصا بالنسبة للطائرات الغير متوافقة مع معايير الأداء 'A'.
هل من الممكن أن يتسبب الاصطدام بالطيور في اسقاط الطائرة؟
رغم الخطورة المحتملة لاصطدام الطيور بالطائرات، فإن حوادث سقوط الطائرات التجارية بسبب هذا النوع من التصادمات نادرة جدًا. فالمعايير التصميمية تفرض على الشركات المصنعة تجهيز المحركات لتحمل ابتلاع الطيور الصغيرة والمتوسطة من دون أن يتسبب ذلك في كارثة. وحتى في حال تعطل محرك واحد نتيجة الاصطدام، تستطيع الطائرة الاستمرار بالتحليق بأمان باستخدام المحرك الآخر، مع اعتماد الطيارين على تقنيات التحكم المتقدمة لتعويض الخلل. الخطر الأكبر يتمثل في ما يُعرف بـ الضربة المزدوجة، أي ابتلاع محركين في آن واحد، وهو سيناريو نادر الحدوث لكنه كان سببًا في بعض الحوادث البارزة عبر تاريخ الطيران.أما ما يسمى ب "ضربة الطيور المزدوجة" عندما يضرب زوج من الطيور ويعطل كلا من محركي الطائرة فهي حالة نادرة للغاية.
تشير بيانات شبكة سلامة الطيران إلى أنه ما بين عامي 1955 و2007 تم تسجيل أكثر من خمسين حادثًا كبيرًا مرتبطًا بضربات الطيور على الطائرات التجارية. هذه الحوادث خلفت أضرارًا متفاوتة، من إصابات طفيفة وخسائر تشغيلية إلى خسائر مادية ضخمة. ووفقًا لتقديرات الصناعة، تتسبب ضربات الطيور عالميًا بخسائر سنوية تصل إلى 1.2 مليار دولار، تشمل تكاليف إصلاح الأضرار، إلغاء وتأجيل الرحلات، إضافة إلى الأثر غير المباشر على جداول الطيران وثقة المسافرين.
كيف تكافح المطارات حوادث الاصطدام بالطيور؟
نظرًا لأن معظم حوادث الاصطدام تقع قرب المطارات خلال مرحلتي الإقلاع والهبوط، تتحمل إدارات المطارات المسؤولية الأكبر في الحد من هذه المخاطر. وتقوم السلطات عادةً بتطبيق استراتيجية متكاملة لتقليل وجود الطيور في محيط المدارج، تشمل قص الأعشاب وإزالة الأشجار الكثيفة، وردم البرك والمستنقعات التي قد تجذب الطيور. كما يتم التعاون مع البلديات والمزارعين للحد من أنشطة قد تزيد من تجمع الطيور بالقرب من المطار، مثل مكبات النفايات أو حقول المحاصيل الموسمية.
إلى جانب هذه الإجراءات البيئية، تُستخدم تقنيات لإخافة الطيور كإطلاق أصوات استغاثة مسجلة، أو استخدام خراطيش نارية ومدافع غازية تحدث أصواتًا عالية لترهيب الطيور وإبعادها. وقد دخلت الرادارات الحديثة أيضًا في الخدمة للكشف المبكر عن أسراب الطيور المهاجرة ورصد مساراتها، مما يسمح بتنبيه الطيارين وإدارة الحركة الجوية لتفاديها.
و تتلخص الاجراءات التي ينبغي اتخاذها لمكافحة الاصطدام بالطيور في:
- خفض أو القضاء على الأشجار والشجيرات و الأعشاب وغيرها من النباتات التي توفر الغذاء والمأوى للطيور.
- تصريف مجاري المياه والمراعي بشكل روتيني و ردم مناطق المياه الراكدة ومنع تشكل برك بعد هطول الأمطار الغزيرة.
- الاتصال مع السلطات المحلية لضمان عدم تشغيل مواقع للتخلص من النفايات بالقرب من المطار.
- الاتصال مع المزارعين المحليين للحد من جاذبية الطيور إلى الحقول.
- استخدام تقنيات اخافة الطيور مثل:
- بث إشارات استغاثة الطيور
- إطلاق خراطيش اخافة الطيور النارية - الكشف التكتيكي عن تدفق أسراب الطيور باستخدام معدات الرادار المتخصصة.
كما يتم تسجيل حوادث الاصطدام بالطيور و الابلاغ عن أماكن حدوثها، و من الشائع بين الطيارين أن يقومو بتحذير بعضهم البعض اذا صادف أحدهم سرب من الطيور أثناء هبوطه أو أقلاعه.
الطيور المهاجرة غالبا ما تتبع مسارات طيران محددة جدا بأعداد كبيرة. هذا يمكن أن يخلق خطرا إذا كانت مسارات طيرانها بالقرب من المطار. لذلك يتم رصد مثل هذه الاسراب و الابلاغ عن تواجدها.
ليست هناك تعليقات: