مطار الداخلة الدولي (Dakhla Airport) هو أحد أهم المطارات الواقعة في جنوب غرب المملكة المغربية، ويخدم مدينة الداخلة الشهيرة بموقعها الاستراتيجي على شبه جزيرة ضيقة ممتدة داخل مياه المحيط الأطلسي في الصحراء المغربية. يحمل المطار رمز الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA: VIL)، ورمز منظمة الطيران المدني الدولية (ICAO: GMMH)، ويخضع لإشراف المكتب الوطني للمطارات التابع لوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء بالمغرب. يمثل المطار البوابة الجوية الرئيسية إلى هذه المنطقة النائية، وهو يشكل حلقة وصل بين الداخلة وباقي مدن المغرب الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وأغادير، كما يستقطب حركة متزايدة من السياحة الدولية بفضل موقع المدينة الفريد الذي جعلها وجهة عالمية لرياضات ركوب الأمواج، والتزلج على الماء، ورياضات الكايت سيرف.

تاريخ ونشأة مطار الداخلة الدولي
تعود جذور مطار الداخلة إلى أربعينيات القرن العشرين، حيث استُخدم أثناء الحرب العالمية الثانية من قبل القوات الجوية الأمريكية باعتباره محطة توقف استراتيجية على طريق النقل العسكري بين أوروبا وأفريقيا. فقد كان المطار جزءًا من شبكة لوجستية مهمة لربط مطارات داكار في السنغال جنوبًا وأغادير شمال المغرب. ومع نهاية الحرب، انتقلت السيطرة إلى السلطات المغربية، ليتم استغلال المطار في الأغراض العسكرية والمدنية في الوقت ذاته.
مع مرور العقود، تطور المطار ليصبح أحد المرافق الجوية المعتمدة لنقل الركاب والبضائع من وإلى الجنوب المغربي، حيث اعتمدته القوات الجوية المغربية رسميًا، قبل أن يخضع بالكامل لإدارة المكتب الوطني للمطارات. ومع نمو النشاط السياحي في الداخلة منذ بداية الألفية الثالثة، بدأ المطار في لعب دور أكبر بكثير من مجرد نقطة عسكرية – إذ أصبح شريانًا اقتصاديًا وسياحيًا يربط هذه المنطقة بالعالم الخارجي. وقد تم إدراجه رسميًا كمطار دولي يستقبل رحلات تجارية منتظمة وشارتر سياحية خاصة.
مرافق مطار الداخلة الدولي
يضم المطار بنية تحتية متوسطة الحجم لكن جرى تطويرها لتلبية الزيادة المتسارعة في أعداد المسافرين. يتميز بمدرج واحد رئيسي يبلغ طوله 3,000 متر وعرضه 45 مترًا، ما يسمح باستقبال طائرات متوسطة الحجم مثل Boeing 737 وAirbus A320. كما يحتوي على ساحة لوقوف الطائرات تبلغ مساحتها حوالي 18,900 متر مربع، وصالة ركاب رئيسية تمت توسعتها عام 2010 من 670 مترًا مربعًا إلى ما يقارب 2,600 متر مربع، وهو ما رفع طاقتها الاستيعابية من 55 ألف مسافر إلى حوالي 330 ألف مسافر سنويًا.
إلى جانب ذلك، يحتوي المطار على برج مراقبة حديث مزود بتقنيات للملاحة الجوية، إضافة إلى مبنى مخصص للخدمات الفنية والتقنية بمساحة 1,000 متر مربع. كما يوفر المطار مواقف سيارات تستوعب حوالي 180 مركبة، مع إمكانية التوسع مستقبلًا استجابة للنمو السياحي. وخلال السنوات الأخيرة، تم إدخال تحسينات تتعلق بأنظمة الأمن والسلامة ومرافق استقبال السياح، بما في ذلك تخصيص مساحات أكبر للجمارك ومكاتب تأجير السيارات ومكاتب السياحة المحلية.
الرحلات والخدمات الجوية
تشغل الخطوط الملكية المغربية معظم الرحلات المنتظمة من وإلى مطار الداخلة، حيث يتم ربط المدينة يوميًا بالدار البيضاء، التي تمثل مركز النقل الجوي الأول بالمغرب. كما توجد رحلات موسمية أو خاصة إلى وجهات مغربية أخرى مثل مراكش وأكادير، مما يسهل على السياح الوصول مباشرة إلى المدينة دون الحاجة للمرور بالدار البيضاء.
في السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام الدولي بالداخلة كوجهة سياحية، مما دفع شركات طيران أوروبية إلى برمجة رحلات عارضة من باريس، مدريد، وفرانكفورت، خاصة في مواسم العطل. وقد شهد المطار خلال فترة ما بعد 2020 عودة تدريجية للرحلات الدولية مع تعافي قطاع الطيران من جائحة كوفيد-19، حيث تسعى السلطات المغربية إلى تعزيز مكانة الداخلة كبوابة سياحية عالمية.
الأهمية الاقتصادية والسياحية
تبرز أهمية مطار الداخلة الدولي بفضل الدور السياحي المحوري لمدينة الداخلة، والتي تُعرف عالميًا بكونها "عاصمة الرياضات البحرية" في المغرب. فالمدينة تستقطب آلاف الزوار سنويًا لممارسة الكايت سيرف، ركوب الأمواج، والتجديف، إلى جانب السياحة البيئية والرحلات الصحراوية. وبفضل المطار، أصبح الوصول إلى الداخلة أسرع وأسهل مقارنة بعقود مضت حين كانت المنطقة شبه معزولة.
كما يلعب المطار دورًا اقتصاديًا متناميًا، إذ يساهم في نقل البضائع والمنتجات المحلية مثل الأسماك والمنتجات البحرية الطازجة إلى باقي مدن المغرب وحتى إلى أسواق خارجية. وتعمل السلطات المغربية منذ 2021 على دراسة مشاريع لتوسعة إضافية للمطار ورفع طاقته الاستيعابية إلى أكثر من نصف مليون مسافر سنويًا، وذلك ضمن رؤية لجعل الداخلة قطبًا سياحيًا دوليًا قادرًا على استقبال مؤتمرات ومهرجانات عالمية.
خدمات مستقبلية ومشاريع تطوير
في إطار الاستراتيجية الوطنية للمطارات المغربية، تم إدراج مطار الداخلة ضمن برنامج تطوير يهدف إلى تحديث البنية التحتية وزيادة القدرة التشغيلية. تشمل الخطط المستقبلية إنشاء مبنى ركاب جديد بمساحة أكبر وتجهيزات متقدمة، إضافة إلى إمكانية إنشاء مدرج ثانٍ في حال ارتفاع الطلب السياحي بشكل مستدام. كما يُتوقع إدخال مزيد من شركات الطيران منخفضة التكلفة لتسيير رحلات مباشرة من أوروبا، خاصة بعد الاهتمام الكبير الذي تبديه وكالات السياحة العالمية بالمنطقة.
وعلى الرغم من أن المطار ما زال متوسط الحجم مقارنة بالمطارات الكبرى في المغرب مثل مطار محمد الخامس بالدار البيضاء أو مطار مراكش المنارة، إلا أنه يُعتبر عنصرًا استراتيجيًا في تعزيز مكانة الداخلة كمقصد سياحي واستثماري على خريطة المغرب والقارة الأفريقية ككل.
ليست هناك تعليقات: