يُعتبر مطار طبرق الدولي Tobruk Airport واحدًا من أقدم المطارات في ليبيا، إذ يقع على بعد حوالي 16 كيلومترًا جنوب مدينة طبرق في إقليم برقة شرقي البلاد. المطار خاضع لإشراف مصلحة الطيران المدني الليبي التابعة لسلطة الطيران المدني، ويُعرف برمزيه الدوليين: TOB (إياتا) و HLLB (إيكاو). بحكم موقعه الجغرافي على البحر المتوسط وقربه من الحدود المصرية، يشكل المطار منفذًا جويًا استراتيجيًا يربط شرق ليبيا بدول الجوار.

تاريخ مطار طبرق الدولي
بدأت قصة مطار طبرق الدولي في أربعينيات القرن العشرين، عندما كان قاعدة جوية رئيسية خلال فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا. وبسبب موقع طبرق الاستراتيجي في الحرب العالمية الثانية، استُخدم المطار على نطاق واسع من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني ولاحقًا من قبل القوات الجوية الأمريكية ضمن العمليات العسكرية في شمال أفريقيا.
عُرف المطار قديمًا باسم قاعدة العدم الجوية، ثم أُطلق عليه لاحقًا اسم قاعدة جمال عبد الناصر الجوية في سبعينيات القرن الماضي، تيمنًا بالزعيم المصري.
مرّ المطار بفترات توقف طويلة نتيجة الأوضاع السياسية، وأُغلق بالكامل عقب أحداث الثورة الليبية عام 2011، قبل أن يُعاد تشغيله في أبريل 2013 بشكل غير منتظم مع استمرار تأثره بالصراع الداخلي.
ومن المحطات البارزة في تاريخه زيارة بينيتو موسوليني في مارس 1937، ثم زيارة الملكة إليزابيث الثانية في مايو 1954 أثناء جولتها لتفقد مقابر الجنود البريطانيين الذين سقطوا في معركة طبرق.
مرافق مطار طبرق الدولي
تتأثر مرافق مطار طبرق الدولي بشكل واضح بضعف الصيانة نتيجة الاضطرابات المستمرة في ليبيا منذ عام 2011. يضم المطار ثلاثة مدارج مرتبة على شكل مثلث، بطول يقارب 3576 مترًا وعرض 45 مترًا لكل منها:
- مدرجان معبّدان بالأسفلت توقفا عن الخدمة.
- مدرج واحد خرساني لا يزال قيد التشغيل ويُستخدم حاليًا لإقلاع وهبوط الطائرات.
ترتبط المدارج عبر شبكة من الممرات الجانبية التي تقود إلى منطقة مخصصة لانتظار وتموين وصيانة الطائرات. ومع ذلك، فإن محدودية الإمكانيات الفنية تجعل المطار يعتمد غالبًا على تشغيل محدود يقتصر على بعض الخطوط الداخلية والدولية.
خطوط ووجهات مطار طبرق الدولي
يشهد مطار طبرق الدولي حركة تشغيل متقطعة تتأثر بالوضع الأمني والسياسي. من أبرز الشركات التي استخدمته:
- الخطوط الجوية الليبية: لتسيير رحلات داخلية نحو العاصمة طرابلس.
- الخطوط الجوية الأفريقية: حيث ربطت المطار بعدد من الوجهات الإقليمية مثل الإسكندرية (مصر)، تونس العاصمة، إسطنبول (تركيا) وعمّان (الأردن).
تطوير المطار
في عام 2024، خطا مطار طبرق الدولي خطوة مهمة على صعيد تعزيز إجراءات السلامة عندما تسلّم عربة إطفاء متطورة من صناعة تركية، مجهزة بأحدث أنظمة التدخل السريع لمواجهة الحرائق. هذا التحديث لم يقتصر على مجرد إضافة مركبة جديدة، بل شكّل نقلة نوعية في مستوى الجاهزية التشغيلية، حيث خضع طاقم المطار لدورات تدريبية على استخدام التقنيات المتقدمة لرفع كفاءة التعامل مع الحوادث الطارئة وضمان استجابة أسرع وأكثر فعالية.
مع بداية عام 2025، دشّنت شركة الليبية السريعة خدمة جوية جديدة تتمثل في رحلة أسبوعية منتظمة كل يوم خميس تربط بين مطار طبرق الدولي ومطار معيتيقة في طرابلس. يمثّل هذا التطور إضافة مهمة للحركة الجوية في شرق ليبيا بعد سنوات من التوقف المتكرر، إذ ساعد على إعادة ربط المدينة بالعاصمة ومنح المسافرين خيارًا أكثر استقرارًا ومرونة للتنقل. كما ساهمت الجداول الإلكترونية المحدثة أولًا بأول في تمكين الركاب من متابعة مواعيد الإقلاع والهبوط بدقة، وهو ما عزز ثقة المسافرين بخدمات المطار.
على المستوى الاستراتيجي، برز في عام 2025 مشروع استثماري صيني ضخم يهدف إلى إعادة تأهيل المطار العسكري في طبرق وتحويله إلى مجمع مشترك للاستخدامين المدني والعسكري. وتبلغ القيمة التقديرية للمشروع نحو 50 مليار دولار، حيث يشمل خططًا لبناء مركز إقليمي للتجارة والطاقة وتوسيع البنية التحتية المرتبطة بالميناء البحري القريب.
هذا التوجه، رغم طابعه التنموي، أثار نقاشات ومخاوف دولية، خاصة لدى حلف شمال الأطلسي ودول الجوار، بشأن إمكانية استخدام المرافق لأغراض عسكرية. تعكس هذه التطورات المكانة الجيوسياسية لمطار طبرق باعتباره نقطة ارتكاز محورية في شرق ليبيا يمكن أن تؤثر على موازين القوى الإقليمية.
ليست هناك تعليقات: