الجمعة، 15 ديسمبر 2017

لماذا لا تتوفر مظلات قفز لكل ركاب الطائرات؟

إذا كنت من الركاب الذين يحرصون دائمًا على ربط حزام الأمان والالتزام بجميع قواعد السلامة على متن الطائرات، فقد يخطر ببالك سؤال منطقي ومتكرر: لماذا لا يتم تزويد الطائرات المدنية بمظلات قفز مخصصة لكل مسافر مثلما تُجهز السفن بسترات النجاة أو الحافلات بأدوات السلامة؟ هذا التساؤل يبدو بديهيًا للكثيرين، خصوصًا لمن يتخيل أن القفز من الطائرة بالمظلة قد يكون خيارًا للنجاة في حالة الطوارئ. في هذا المقال سنستعرض أهم الأسباب العملية والتقنية التي تجعل وجود مظلات قفز غير منطقي وغير قابل للتطبيق في الرحلات الجوية التجارية.

لماذا لا تتوفر مظلات قفز لكل ركاب الطائرات؟

الأسباب التي تمنع توفير مظلات قفز للركاب

1- عامل الوقت المحدود في حالات الطوارئ

خلال أي حالة طارئة، مثل حريق أو هبوط اضطراري، يكون أمام الركاب دقائق قليلة فقط للإخلاء. أما القفز بالمظلة فيحتاج إلى تجهيزات معقدة: ارتداء الحقيبة، ضبط الحزام، وربط القناع التنفسي عند الارتفاعات العالية. كل هذه الخطوات ستؤدي إلى إضاعة الوقت الثمين وتعقيد عملية الإخلاء بدلًا من تسهيلها.

2- غياب التدريب لدى الركاب

القفز بالمظلة ليس مجرد ارتداء حقيبة والقفز في الهواء. إنه نشاط يحتاج إلى تدريب طويل على التحكم في الجسم أثناء السقوط، معرفة اتجاهات الرياح، وكيفية الهبوط الآمن. معظم الركاب لا يملكون أي خبرة في هذا المجال، واستخدامهم للمظلات بشكل خاطئ قد يؤدي إلى إصابات خطيرة أو حتى حوادث جماعية بدلًا من إنقاذ الأرواح.

3- الوزن والمساحة داخل الطائرة

مظلات القفز ليست صغيرة الحجم كما يتخيل البعض. حقيبة المظلة الواحدة ثقيلة وتشغل مساحة كبيرة. تخيل أن على كل طائرة تضم 200 أو 300 راكب أن تحمل نفس العدد من المظلات! ذلك يعني زيادة وزن الطائرة بشكل هائل، وفقدان مساحات تخزين الأمتعة، ما يجعل الرحلات غير اقتصادية أو حتى غير ممكنة من الناحية الهندسية.

4- التكلفة الباهظة

المظلة وحدها ليست كافية. القفز الآمن يتطلب أيضًا معدات إضافية مثل خوذة واقية، جهاز تنفس بالأكسجين للارتفاعات العالية، ومعدات سلامة أخرى. إضافة كل ذلك سيؤدي إلى رفع أسعار التذاكر بشكل ضخم، وهو أمر غير عملي خصوصًا في رحلات الطيران منخفض التكلفة.

5- تصميم الطائرات لا يسمح بالقفز

الطائرات المدنية الحديثة ليست مجهزة لعمليات القفز. الأبواب والمخارج مصممة للإخلاء على الأرض وليس للقفز في الجو. فتح باب الطائرة أثناء الطيران قد يؤدي إلى ارتطام الراكب بالذيل أو الجناح أو حتى التعرض لموت محقق عند الاقتراب من المحركات النفاثة.

6- طبيعة الحوادث الجوية

إحصائيًا، تشير الدراسات إلى أن نسبة 98% من حوادث الطيران تحدث خلال مرحلتي الإقلاع أو الهبوط، أي على ارتفاعات منخفضة لا تسمح بفتح المظلة أساسًا. وبالتالي فإن وجود المظلات لن يكون مفيدًا في الغالبية العظمى من الحوادث، ما يجعل توفيرها للركاب أمرًا بلا جدوى.

الخلاصة

قد يبدو وجود مظلات قفز على متن الطائرات فكرة جذابة للوهلة الأولى، لكنها في الواقع غير عملية وغير آمنة للأسباب السابقة. لذلك تركز شركات الطيران والهيئات الدولية على وسائل أكثر واقعية وفعالية مثل: أنظمة الطوارئ داخل المقصورة، تصميم الطائرات وفق أعلى معايير السلامة، وتدريب الطاقم على الإخلاء السريع. فبدلًا من مظلات القفز، تبقى إجراءات الوقاية والتصميم الآمن للطائرة هي الوسيلة الأفضل لحماية الركاب.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك