أخطر شركة طيران في العالم – تقارير وتحليلات حتى عام 2025
من بين أكثر من ستين شركة طيران دولية كبرى حول العالم، نشر مركز تقييم بيانات حوادث الطيران الألماني JACDEC – Jet Airliner Crash Data Evaluation Centre تقريره السنوي الذي يتناول سجل السلامة الجوية لشركات الطيران العالمية. وقد شمل التقرير تحليلاً معمقًا للحوادث الجوية، وأصدر قائمة تتضمن ما اعتبره «أخطر شركات الطيران في العالم» استنادًا إلى البيانات المسجلة حتى نهاية عام 2016م، مع تحديثات لاحقة للأعوام التالية.
ورغم السمعة الموثوقة التي يتمتع بها مركز JACDEC ودقته العالية في رصد وتحليل حوادث الطيران على مستوى العالم، فإن خبراء الطيران أبدوا عددًا من الملاحظات الجوهرية على المعايير التي يعتمدها المركز في تصنيفاته. ذلك لأن هذه التصنيفات لا تميز دائمًا بين أنواع الحوادث أو الظروف التي تقع فيها، ولا تأخذ في الاعتبار بعض العوامل التقنية والبشرية التي قد تؤدي إلى نتائج مختلفة تمامًا.
انتقادات الخبراء لمعايير التصنيف
- لا يفرّق التصنيف بين الحوادث الإرهابية والحوادث الناتجة عن أخطاء بشرية أو أعطال فنية، رغم أن الإرهاب لا يعكس بالضرورة ضعفًا في أداء الشركة أو طواقمها. وتشير الإحصاءات إلى أن الحوادث ذات الخلفية الإرهابية تمثل نحو 10% فقط من إجمالي حوادث الطيران عالميًا.
- نحو 50% من حوادث الطيران في العالم تعود إلى الأخطاء البشرية، ما يجعل كفاءة الطيارين والتدريب المستمر أحد أهم عوامل الأمان. فحتى مع التطور الهائل في أنظمة الطائرات الحديثة، يظل العامل البشري محورًا أساسيًا في تجنب الكوارث الجوية.
- كما أشار بعض الخبراء إلى أن المركز يمنح تقييمًا أفضل لشركات الطيران التي تقوم بإصلاح طائراتها المتضررة من الحوادث وإعادتها للخدمة بدلًا من التخلص منها نهائيًا، وهو معيار مثير للجدل، لأن صلاحية الطائرة بعد الحوادث تخضع لعوامل فنية معقدة تتجاوز مجرد الإصلاح الميكانيكي.
ويرى مركز تقييم بيانات حوادث الطيران الألماني أن تحييد تلك العوامل ضروري لتحقيق مقارنة موضوعية، إذ إن نسب الأخطاء البشرية أو الأعطال التقنية تُعتبر شبه ثابتة عبر الشركات، وأن كل حادث جوي – بصرف النظر عن أسبابه – يشير إلى وجود ثغرة في منظومة الأمن والسلامة أو إجراءات التشغيل. ومع ذلك، فإن هذا المنهج الإحصائي لا يلقى قبولًا كاملًا في الأوساط المتخصصة.

ما هي الشركة التي صنفت أخطر شركة طيران في العالم؟
بحسب تصنيف JACDEC لعام 2017م، جاءت شركة الخطوط الجوية الصينية (China Airlines) في المرتبة الأولى ضمن قائمة أخطر شركات الطيران في العالم. ويقصد هنا الخطوط الجوية الصينية التابعة لتايوان، وليس شركة Air China التابعة لجمهورية الصين الشعبية. وقد اعتُبرت الشركة الأخطر بسبب سجلها الطويل في الحوادث الجوية خلال تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة.
نبذة عن الشركة
تأسست الخطوط الجوية الصينية عام 1959م وتتخذ من تايبيه مقرًا رئيسيًا لها، وهي الناقل الوطني لتايوان. تمتلك الشركة أسطولًا يضم أكثر من 85 طائرة حديثة من طرازات إيرباص وبوينغ، وتسير رحلات إلى أكثر من 100 وجهة في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. لكن تاريخها في مجال السلامة كان متقلبًا للغاية حتى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
أشهر الحوادث الجوية للشركة
وقع أسوأ حادث في تاريخ الشركة في 25 مايو 2002م عندما تحطمت الرحلة رقم CI611 التي كانت متجهة من تايبيه إلى هونغ كونغ فوق بحر الصين الجنوبي، مما أدى إلى مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 225 شخصًا. تبين لاحقًا أن الحادث نتج عن انفصال هيكلي في جسم الطائرة بسبب إصلاح غير مكتمل أُجري قبل أكثر من 20 عامًا، ما سلّط الضوء على مشكلات الصيانة القديمة لدى الشركة.
قبل ذلك، تعرضت الخطوط الجوية الصينية لحادث مأساوي آخر عام 1994 حين تحطمت الرحلة رقم CI140 أثناء اقترابها من مطار ناغويا في اليابان، ما أسفر عن وفاة 264 شخصًا. وفي عام 1998، اصطدمت إحدى طائراتها بالمدرج في تايبيه أثناء هبوطها وسط عاصفة شديدة، ما أودى بحياة 203 أشخاص.
تحسينات السلامة والإصلاحات بعد عام 2005
بعد سلسلة الحوادث تلك، أجرت الشركة إصلاحات جذرية على سياساتها التشغيلية وأنظمة الصيانة. فقد استبدلت معظم طائراتها القديمة، واعتمدت برنامجًا صارمًا لتدريب الطيارين بالتعاون مع بوينغ وإيرباص. كما حصلت الشركة عام 2010 على اعتماد كامل من IATA Operational Safety Audit (IOSA)، وأصبحت ضمن التحالف العالمي SkyTeam عام 2011.
نتيجة لذلك، لم تسجل الشركة منذ عام 2002 أي حادث مميت، وانخفض متوسط عمر أسطولها إلى أقل من 7 سنوات. ومع ذلك، لا تزال سمعتها متأثرة بالحوادث التاريخية التي تسببت في تصنيفها كواحدة من أخطر الشركات في العقدين الأخيرين.
مقارنة مع شركات أخرى في التصنيف
جاءت بعد الخطوط الجوية الصينية في تصنيفات JACDEC لعام 2017 كل من:
- شركة الخطوط الجوية الكورية (Korean Air) التي شهدت عدة حوادث في التسعينيات.
- الخطوط الجوية الإندونيسية (Garuda Indonesia) بسبب سجلها السابق قبل إعادة هيكلتها عام 2009.
- الخطوط الجوية الباكستانية (PIA) التي عانت من ضعف الصيانة وتكرار الحوادث حتى 2020.
ومن المهم الإشارة إلى أن معظم هذه الشركات قد حسّنت بشكل ملحوظ من مستوى السلامة لديها خلال العقد الأخير، بما في ذلك تحديث أساطيلها وتطبيق أنظمة رقابة صارمة على الطيران والصيانة.
تطور تصنيف السلامة الجوية حتى عام 2025
في تقارير JACDEC وAirlineRatings الصادرة بين عامي 2022 و2025، لم تعد الخطوط الجوية الصينية ضمن قائمة أخطر 20 شركة في العالم. بل حصلت على تقييم أمان بنسبة 90% تقريبًا بفضل سجلها النظيف منذ أكثر من 20 عامًا.
أما المراتب المتأخرة حاليًا فتشغلها شركات صغيرة في إفريقيا وآسيا الوسطى وأمريكا الجنوبية لم تحقق معايير IOSA أو لم تخضع لتدقيق دولي كافٍ. كما يلاحظ أن أغلب شركات الطيران في الشرق الأوسط وآسيا، بما فيها الإماراتية والقطرية والتركية، تحافظ على أعلى مستويات السلامة عالميًا.
مؤشرات جديدة لتقييم السلامة
منذ عام 2023، اعتمدت مؤسسات الطيران المدني الدولية معايير محدثة لتقييم السلامة تتضمن عناصر جديدة مثل:
- نظام المراقبة الآلية للطائرات عبر الأقمار الصناعية (ADS-B).
- برامج الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الطيران لتوقع الأعطال قبل وقوعها.
- التدقيق البيئي في الصيانة والتشغيل كجزء من معايير الأمان.
- تقييم مستوى الشفافية في نشر تقارير الحوادث والتقيد بتوصيات ICAO.
وقد ساهمت هذه التطورات في خفض معدل الحوادث الجوية عالميًا إلى أقل من 0.27 حادث مميت لكل مليون رحلة خلال عام 2024، وهو أدنى معدل يُسجل في تاريخ الطيران المدني.
خاتمة
على الرغم من أن الخطوط الجوية الصينية حُملت لقب «أخطر شركة طيران في العالم» في مطلع الألفية الجديدة، فإنها اليوم تُعتبر واحدة من أكثر شركات الطيران أمانًا في آسيا بعد عقود من الإصلاحات. وتؤكد هذه التجربة أن سلامة الطيران ليست ثابتة، بل تتطور تبعًا للتكنولوجيا والإدارة والتدريب.
يبقى تصنيف أخطر وأفضل شركات الطيران مؤشرًا إحصائيًا لا أكثر، إذ إن الطيران الحديث بات الوسيلة الأكثر أمانًا في العالم مقارنة بجميع وسائل النقل الأخرى، بنسبة خطر لا تتجاوز واحدًا على كل عشرة ملايين رحلة.
راجع أيضا: أكثرخطوط الطيران أمانا خلال عام 2017
ليست هناك تعليقات: