الأحد، 12 مارس 2017

لماذا تبقي نوافذ الطائرة مفتوحة عند الإقلاع والهبوط؟

لماذا تُبقي نوافذ الطائرة مفتوحة عند الإقلاع والهبوط؟

من بين جميع تعليمات السلامة التي يطلبها طاقم الطائرة قبل الإقلاع والهبوط، تبقى واحدة من أكثرها إثارة للتساؤل: لماذا يُطلب من الركاب إبقاء نوافذ الطائرة مفتوحة في هاتين المرحلتين الحرجتين من الرحلة؟ قد يظن البعض أن الأمر بسيط أو غير مهم، لكن في الحقيقة وراء هذا الإجراء أسباب علمية وأمنية دقيقة تهدف إلى ضمان أقصى درجات الأمان للركاب والطاقم معًا.

كثير من المسافرين يفضلون إغلاق النوافذ لتجنب أشعة الشمس القوية، خصوصاً في الرحلات الطويلة أو عند الرغبة في النوم. ومع ذلك، يحرص المضيفون والمضيفات على التأكد من أن جميع النوافذ مفتوحة قبل الإقلاع أو الهبوط. فما السر في ذلك؟ وهل لهذا القرار علاقة بسلامة الطائرة فعلًا؟ في هذا المقال، سنفكك هذه الظاهرة بالتفصيل لنعرف السبب الحقيقي وراء هذا الإجراء.

أهمية النوافذ في مقصورة الطائرة

النافذة ليست مجرد وسيلة للنظر إلى الغيوم أو التقاط الصور، بل تُعد جزءاً مهماً من بنية الطائرة ومن نظام مراقبة السلامة داخل المقصورة. فهي تتيح التواصل البصري بين الركاب والعالم الخارجي، كما تساعد الطاقم في مراقبة حالة المحركات والأجنحة والإطارات أثناء الإقلاع أو الهبوط.

  • لماذا لا تتطابق جميع المقاعد مع النوافذ؟
  • ماذا يحدث لو انكسرت نافذة الطائرة أثناء التحليق؟
  • ولماذا تحتوي النوافذ على ثقوب صغيرة؟

كل هذه الأسئلة أثارت فضول المسافرين على مر السنين، ولكن من بينها يظل السؤال الأهم هو: لماذا تبقى نوافذ الطائرة مفتوحة عند الإقلاع والهبوط؟

لماذا تبقي نوافذ الطائرة مفتوحة عند الإقلاع والهبوط؟

السبب الحقيقي وراء إبقاء النوافذ مفتوحة عند الإقلاع والهبوط

قبل كل إقلاع وهبوط، تمر مضيفات الطيران على المقاعد للتأكد من عدة إجراءات أساسية: ربط أحزمة الأمان، إغلاق الطاولات، ترتيب المتعلقات الشخصية، وإرجاع المقاعد إلى وضعها العمودي. ومن بين هذه التعليمات، التأكد من أن كل نافذة مفتوحة بالكامل. هذا الإجراء ليس شكلياً، بل هو جزء من خطة السلامة المعتمدة عالمياً من قبل سلطات الطيران المدني ومنظمة الطيران الدولية (ICAO).

عند سؤال خبراء الطيران ورؤساء طواقم الضيافة عن السبب، كانت الإجابة واحدة تقريباً: فتح النوافذ خلال الإقلاع والهبوط يُعد من إجراءات السلامة المهمة لأنه يسمح برؤية أفضل داخل المقصورة وخارجها، وهو ما يساعد الطاقم في تقييم أي موقف طارئ بسرعة، سواء كان اندلاع حريق، أو عطل في أحد المحركات، أو مشكلة في الأجنحة أو الإطارات.

كيف تساعد النوافذ المفتوحة في تعزيز الأمان؟

عند بقاء النوافذ مفتوحة، يستطيع طاقم الطائرة والركاب ملاحظة ما يجري في الخارج فوراً. ففي حال ظهور دخان أو شرارة أو تسرب وقود، يمكن للركاب تنبيه الطاقم بسرعة، مما يمنح الجميع وقتاً إضافياً لاتخاذ الإجراءات المناسبة.

كما يتيح فتح النوافذ دخول الضوء الطبيعي إلى المقصورة، مما يساعد الركاب والطاقم على التأقلم مع الإضاءة الخارجية. هذا الأمر بالغ الأهمية، خصوصاً في حال حدوث طارئ يتطلب إخلاء الطائرة خلال ثوانٍ قليلة، فالعين البشرية تحتاج وقتاً للتكيف مع تغير الإضاءة، وفتح النوافذ يضمن أن تكون الرؤية واضحة للجميع.

العلاقة بين الإضاءة وسرعة الإخلاء

تضع أنظمة السلامة الجوية معياراً صارماً لإخلاء أي طائرة في حال الطوارئ خلال 90 ثانية فقط، بغض النظر عن عدد الركاب أو حجم الطائرة. وفي مثل هذه الحالات، تكون الرؤية الواضحة عنصراً حاسماً لتحديد المخارج الأكثر أماناً. إذا كانت النوافذ مغلقة والمقصورة مظلمة، فقد يفقد الطاقم الثواني الثمينة في تحديد الاتجاه الصحيح أو تقييم الخطر بالخارج.

كما أن إبقاء النوافذ مفتوحة يمنح طاقم الضيافة رؤية أفضل للبيئة الخارجية— هل هناك دخان على جانب معين؟ هل يوجد حريق في أحد الأجنحة؟ بناءً على هذه الملاحظات، يمكنهم توجيه الركاب إلى المخرج الأنسب وتجنب المناطق الخطرة.

هل هذه القاعدة إلزامية في كل شركات الطيران؟

ليست جميع شركات الطيران تطبق هذا الإجراء بالطريقة نفسها، لكن معظمها يعتمد عليه كجزء من إجراءات السلامة القياسية (Standard Operating Procedures). بعض الشركات تفرضه بشكل صارم، بينما تعتبره شركات أخرى إجراءً احترازياً. ومع ذلك، في كلتا الحالتين، الهدف واحد: تقليل المخاطر في أكثر مرحلتين خطورة من الرحلة – الإقلاع والهبوط.

معلومة إضافية: دور النوافذ في التواصل البصري أثناء الطوارئ

في حال وقوع حادث أو هبوط اضطراري، يحتاج رجال الإنقاذ والمراقبون الأرضيون إلى رؤية واضحة داخل المقصورة. وجود النوافذ المفتوحة يُسهل عملية التواصل البصري السريع مع الطاقم لمعرفة إذا كان الركاب بأمان أو إذا كانت هناك إصابات. لذلك، يُعد رفع غطاء النوافذ في هذه المراحل جزءاً من منظومة إنقاذ متكاملة تبدأ قبل الإقلاع بلحظات.

خلاصة: إجراء بسيط... لكنه قد ينقذ حياة

قد يبدو رفع ستارة النافذة أمراً بسيطاً أو روتينياً، لكن في عالم الطيران، كل تفصيلة صغيرة يمكن أن تصنع فارقاً كبيراً في الأمان. فتح النوافذ يمنح الطاقم رؤية أوضح، ويُسرّع اتخاذ القرار في المواقف الحرجة، كما يساعد الركاب على البقاء متيقظين لأي طارئ محتمل.

في المرة القادمة التي تطلب منك مضيفة الطيران فتح النافذة قبل الإقلاع أو الهبوط، تذكّر أن هذا ليس مجرد إجراء بروتوكولي، بل هو خطوة مدروسة ومبنية على مئات التجارب والدراسات في مجال سلامة الطيران. الأمان في السماء يبدأ من تفاصيل بسيطة — وواحدة منها هي نافذتك.

طالع ايضا: ارشادات المسافر بالطيران لأول مرة

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك