يُمثل مطار البحرين الدولي Bahrain International Airport البوابة الجوية الرئيسية لمملكة البحرين، حيث لا يقتصر دوره على خدمة العاصمة المنامة فحسب، بل يمتد ليشمل بكافة مرافقه المتطورة خدمة جميع مناطق المملكة بالتزامن مع مطار الصخير. يحتل الموقع الاستراتيجي للمطار في جزيرة المحرق على بعد 7 كيلومترات شمال العاصمة المنامة، مما يجعله نقطة وصل حيوية بين الشرق والغرب. يحمل المطار رمز الإياتا: BAH، ورمز الإيكاو: OBBI، ويشكل المركز التشغيلي الأساسي لـ طيران الخليج، بالإضافة إلى كونه المحور الرئيسي لعمليات طيران البحرين. كما يستضيف المطار عددا كبيرا من شركات الطيران العالمية الرائدة في مجالي نقل المسافرين والبضائع، بما في ذلك سويفت اير التي تعزز من شبكة الربط الإقليمي.
المسار التاريخي لمطار البحرين الدولي
تعود الجذور التاريخية لمطار البحرين الدولي إلى عام 1927م عندما شهد أول هبوط لطائرة مستأجرة على الأراضي البحرينية. تمثلت المحطة التاريخية الفعلية في عام 1932م مع وصول أول رحلة تجارية مجدولة إلى البحرين، حيث استقبلت أرض المطار رحلة الخطوط الجوية البريطانية القادمة من لندن والمتجهة إلى دلهي على متن طائرة هاندلي بيج HP42 المسماة "هانيبال"، التي استوعبت 24 راكبا فقط واستغرقت الرحلة من لندن عدة أيام بسبب سرعتها التي لم تتجاوز 100 ميل في الساعة. من خلال هذه الخدمة المنتظمة، أصبحت البحرين أول محطة طيران دولية في منطقة الخليج العربي، مما وضع الأساس لتطورها كمركز جوي إقليمي.
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، استخدمت القوات الجوية الأمريكية المطار كمحطة رئيسية ضمن جناح النقل الجوي لقيادة طيران الولايات المتحدة، حيث تم تصنيفه رسميا كمحطة رقم 13 ضمن الشبكة اللوجستية. شكل المطار محطة توقف حيوية على الطريق الجوي الممتد من كراتشي إلى القاهرة عبر محطتي عبادان الإيرانية والشارقة الإماراتية. استمر الوجود العسكري البريطاني في المطار من عام 1943م وحتى حصول البحرين على استقلالها في ديسمبر 1971م، حيث حافظت القوات الجوية الملكية على منشأة عسكرية عرفت أولاً باسم سلاح الجو الملكي البحرين ثم تحولت إلى سلاح الجو الملكي المحرق عام 1963م. تم لاحقا تحويل معظم هذه المرافق لصالح طيران الخليج، بينما حافظت البحرية الأمريكية على وجود محدود عبر وحدة دعم الطيران.
شهد عام 1936م زيادة وتيرة رحلات طائرات H.P.42 من لندن إلى الهند عبر البحرين إلى مرتين أسبوعياً. وفي عام 1937م، استقبل المطار أولى الطائرات البحرية الإمبراطورية بشكل منتظم، حيث كان خط هبوط هذه الطائرات العملاقة يقع في موقع نادي المرسى الحالي بميناء سلمان. منذ خمسينيات القرن الماضي، عززت الخطوط الجوية البريطانية ما وراء البحار (BOAC) وجودها عبر تشغيل عدة رحلات أسبوعية عبر البحرين شملت خدمات منتظمة إلى كراتشي وسنغافورة وهونغ كونغ وثلاث رحلات أسبوعية إلى سيدني. مثل عام 1950م منعطفاً حاسماً في تاريخ المطار مع تأسيس شركة طيران محلية جديدة هي طيران الخليج، التي بدأت عملياتها بطائرة مستعملة واحدة من نوع Anson Mark II ثم توسعت خلال عامين لتشمل أربع طائرات من نوع دي هافيلاند وDC-3s لخدمة الشبكة المتوسعة في الخليج.
تميز مطار البحرين بكونه الأكثر تطوراً في منطقة الخليج خلال تلك الفترة، مع مدرج مجهز بالكامل وبرج مراقبة متطور وأنظمة إضاءة متكاملة ومرافق اتصالات متطورة ومطاعم مريحة، مما جذب شركات طيران إقليمية وعالمية مثل طيران الشرق الأوسط وطيران الهند وطيران سيلان وطيران إيران. شهد ديسمبر 1961م افتتاح محطة ركاب جديدة بالمطار، تلتها فترة تحول بين 1970-1971م شهدت إنهاء الوجود العسكري البريطاني. في ديسمبر 1971م، دشن المطار مرافق ركاب متطورة تستوعب أربع طائرات من نوع بوينغ 747، ثم شهد عام 1976م بداية عصر الطيران الأسرع من الصوت مع انطلاق رحلات الكونكورد المنتظمة بين لندن والبحرين.
شهدت عقود الثمانينيات والتسعينيات عمليات تطوير وتحديث كبيرة مع انضمام العديد من شركات الطيران الدولية الكبرى. في عام 1994م، تم افتتاح محطة ركاب جديدة بتكلفة 100 مليون دولار أمريكي رفعت السعة القصوى للمطار إلى 10 ملايين مسافر سنوياً. ثم أطلق برنامج توسعة وتجديد ضخم بقيمة 113 مليون دينار بحريني (300 مليون دولار) في الربع الثالث من عام 2006م، شمل إنشاء موقف سيارات متعدد الطوابق ومجمع تجاري متكامل بجوار المبنى الرئيسي، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المدرج الرئيسي وتركيب أنظمة أمنية متطورة وزيادة مساحات وقوف الطائرات.
شكل عام 2008م محطة إدارية مهمة مع نقل إدارة المطار إلى شركة مطار البحرين حديثة التأسيس، التي تعمل تحت مظلة طيران الخليج القابضة المملوكة لصندوق الثروة السيادية البحريني. ثم أعلن في 8 أكتوبر 2009م عن مشروع توسعة طموح بقيمة 1.8 مليار دينار بحريني يهدف إلى مضاعفة الطاقة الاستيعابية ثلاث مرات لتصل إلى 27 مليون مسافر سنوياً على مدى ثلاثين عاماً. بدأت الأعمال الفعلية في يونيو 2011م وشملت إضافة 40.000 متر مربع من المساحات الجديدة مع أكثر من 3000 متر مربع من مرافق البيع بالتجزئة و4-5 بوابات اتصال إضافية و9 بوابات نائية و40 مكتب تسجيل إضافي.
حصد المطار عديد من الجوائز الدولية تشمل جائزة أفضل مطار في الشرق الأوسط في حفل توزيع جوائز Skytrax 2010 للمطار العالمي، بالإضافة إلى عدة جوائز أخرى في أغسطس 2017م. ومن المقرر افتتاح مبنى المطار الجديد البالغة قيمته 1.1 مليار دولار في مارس 2020م، ليرفع الطاقة الاستيعابية إلى 14 مليون مسافر سنوياً، مزوداً بـ104 كاونترات لتسجيل الوصول و36 مقصورة لمراقبة الجوازات و24 نقطة للفحص الأمني، بالإضافة إلى قاعتي ضيافة متطورتين تديرهما طيران الخليج وشركة مطار البحرين.
المرافق والخدمات المتكاملة
يتميز مطار البحرين الدولي بمبنى الركاب الرئيسي الذي صمم لاستيعاب حوالي 15 مليون مسافر سنوياً، مع مجموعة متكاملة من القاعات والمرافق المتطورة. شهدت الفترة الأخيرة تطويراً شاملاً للمرافق المتعلقة بإجراءات السفر ومنطقة الجوازات، حيث تم مضاعفة المساحات تقريباً لتسهيل الإجراءات لأكبر عدد ممكن من المسافرين في أقصر وقت ممكن. يقدم المطار تجربة حجز طيران رخيص مع الحفاظ على أعلى معايير الخدمة.
يضم المطار ثلاث صالات VIP فاخرة للمسافرين على الدرجة الأولى:
- صالة طيران الخليج: تقدم خدمة استثنائية لمسافري الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال، مع موقع مميز يطل على ساحة المطار. تتضمن المرافق غرفة عائلية منفصلة وتجهيزات مكتبية متكاملة وغرفة ألعاب فيديو للأطفال
- صالة مرحبا: توفر تجربة استرخاء فاخرة مع ضيافة عربية أصيلة على مدار 24 ساعة
- صالة دلمون: تتيح الدخول مقابل الدفع بالبطاقات الائتمانية أو نقداً، مع إتاحة الوصول قبل موعد الصعود بثلاث ساعات
الرؤية المستقبلية والتوسعات الاستراتيجية
تشمل الخطط المستقبلية تطوير القسم الشرقي من مبنى المطار لإضافة 8 معابر جوية جديدة ومواقف طائرات إضافية لزيادة الطاقة الاستيعابية. من المتوقع أن ترفع المرحلة الثانية من التوسعة السعة إلى 22 مليون راكب سنوياً بحلول 2020م. تتضمن التصاميم مرافق تسوق إضافية ومناضد تسجيل مغادرة متطورة، مع مضاعفة مساحة مناطق تجهيز الأمتعة. بالإضافة إلى مشروع متكامل لمواقف سيارات متعددة الطوابق ومكاتب إدارية ومساحات بيع بالتجزئة متصلة بالمبنى الرئيسي.
الحزمة الشاملة للخدمات المتميزة
يكرس مطار البحرين الدولي، الحائز على العديد الجوائز الدولية، جهوده لتقديم تجربة سفر مريحة وآمنة لجميع المسافرين. يعمل المطار بالتعاون مع جميع الجهات المعنية لتوفير أعلى معايير الأمن والسلامة وتلبية جميع احتياجات الركاب مع الحفاظ على السرعة والكفاءة في الخدمات. تبدأ الرحلة المريحة من لحظة النزول من الطائرة حتى استلام الأمتعة، وتشمل الخدمات المتكاملة:
- توفير مداخل مجهزة بالكامل في جميع طوابق مبنى الركاب لذوي الاحتياجات الخاصة، مع مصاعد وسلالم ميكانيكية متطورة
- خدمة "مرحبا" للاستقبال والترحيب التي تحول تجربة المطار إلى ذكريات جميلة، تشمل خدمات الاستقبال البرونزية والفضية والذهبية الشخصية، مع صالات فاخرة وخدمات باقات الأزهار والليموزين للمناسبات الخاصة
- تجربة طعام فريدة من خلال مجموعة مميزة من المطاعم والمقاهي العالمية التي تعمل على مدار 24 ساعة
- مجمع السوق الحرة البحريني الذي يقدم تجربة تسوق استثنائية مع تشكيلة واسعة من العلامات التجارية العالمية في المجوهرات والعطور ومستحضرات التجميل والحلويات والمشروبات والأزياء والإكسسوارات
يستمر المطار في تطوير شراكاته مع طيران البحرين وسويفت اير لتعزيز شبكة الرحلات وتقديم خيارات حجز طيران رخيص مع الحفاظ على جودة الخدمة، مما يعزز من مكانة البحرين كمركز جوي إقليمي ودولي متميز.
أحدث تطورات مطار البحرين الدولي
يشهد مطار البحرين الدولي مرحلة جديدة من التوسع والتحديث الشامل ضمن خطط متقدمة تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز القدرة التشغيلية، بما يتماشى مع رؤية المملكة في جعل البحرين مركزاً محورياً للنقل الجوي في المنطقة. فقد تم توقيع اتفاقية تعاون بين شركة مطار البحرين وشركة "تكْسِل إير" (Texel Air) خلال معرض باريس الجوي 2025 لإنشاء منشأة جديدة لصيانة وإصلاح الطائرات بمساحة تتجاوز 17 ألف متر مربع، مما سيرفع قدرة المطار على استيعاب الطائرات التجارية والخاصة الحديثة ويحول البحرين إلى مركز متقدم لخدمات الطيران والصيانة الإقليمية.
كما أطلقت إدارة المطار خطتها السنوية لصيانة المدارج لعام 2025 بالتعاون مع طيران الخليج وشركات الطيران العاملة لضمان استمرار أعلى معايير السلامة والتشغيل. تشمل الخطة تحسين أنظمة الإضاءة الأرضية بتقنية LED، وإجراء الفحوصات الاحتكاكية للأسفلت، بالإضافة إلى إعادة طلاء العلامات الملاحية بما يتوافق مع المتطلبات الدولية للسلامة والجودة التشغيلية.
من جهة أخرى، حظيت المملكة بجائزة "عبد اللطيف الحمد للتنمية" لعام 2025 بفضل مشروع تطوير وتوسعة مطار البحرين الدولي، الذي موّلته دولة الإمارات عبر صندوق أبوظبي للتنمية، تقديراً لدوره الريادي في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل غير النفطي، حيث أصبح المطار من أكثر المشاريع العربية تأثيراً في قطاع البنية التحتية الحديثة والنقل الجوي.
إضافة إلى ذلك، تم الكشف عن مشروع "مدينة المطار" المتوقع طرح مناقصاته خلال الربع الأول من 2025، والذي يهدف إلى تطوير مجمعات تجارية وسكنية وخدمات لوجستية متصلة بالمطار لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية.
وإلى جانب دوره كمحور أساسي لتشغيل الناقل الوطني طيران الخليج وشركات النقل الجوي الأخرى مثل طيران البحرين التاريخية وسويفت إير للبضائع، يعد المطار أيضاً مركزاً تكاملياً مع مطار الصخير العسكري في الأنشطة التقنية والدعم اللوجستي خلال الفعاليات الكبرى مثل معرض البحرين الدولي للطيران.
من خلال هذه المشاريع المتكاملة، يواصل مطار البحرين الدولي اليوم ترسيخ موقعه كأحد أبرز مراكز الطيران في الخليج، جامعاً بين الابتكار الهندسي والتراث الوطني، ومسهماً في بناء مستقبل اقتصادي متنوع ومستدام يخدم طموحات المملكة حتى عام 2035.
ليست هناك تعليقات: