الأربعاء، 13 أبريل 2016

مطار البصرة الدولي

البوابة الجوية الجنوبية للعراق: نظرة شاملة على مطار البصرة الدولي

يُمثل مطار البصرة الدولي Basra International Airport (BSR/ORMM) المنفذ الجوي الاستراتيجي الرئيسي لمنطقة جنوب العراق، حيث يحتل موقعاً جغرافياً متميزاً على بعد 20 كيلومتراً شمال غرب مركز مدينة البصرة. يُصنف هذا المطار كثاني أكبر منشأة جوية في البلاد بعد مطار بغداد الدولي من حيث حركة المسافرين والحجم التشغيلي. يشهد المطار تطوراً متسارعاً في السنوات الأخيرة ليصبح مركزاً لوجستياً مهماً يربط العراق بأسواق الطيران الإقليمية والعالمية، حيث يستقبل عشرات الرحلات الأسبوعية من شركات طيران دولية ومحلية.

مطار البصرة الدولي Basra International Airport

يشكل المطار محوراً حيوياً للنشاط الاقتصادي في المنطقة الغنية بالنفط، حيث يساهم في دعم حركة الاستثمارات والتبادل التجاري مع الدول المجاورة. يتميز المطار ببنية تحتية متطورة تشمل صالة ركاب حديثة تخدم أكثر من 1.5 مليون مسافر سنوياً، مع خطط توسعية طموحة لمواكبة النمو المتوقع في حركة الطيران. يعد المطار جزءاً من الشبكة الجوية العراقية المتكاملة التي تضم مطار أربيل ومطار السليمانية ومطار الموصل كأهم المطارات الدولية في البلاد.

تطور مطار البصرة التاريخي والتحولات الاستراتيجية

مر مطار البصرة الدولي بمراحل تطور تاريخية مهمة بدأت في ستينيات القرن الماضي، حيث شهدت حقبة الثمانينات تحولاً نوعياً عبر مشاريع تطوير ضخمة نفذتها شركات ألمانية ونمساوية متخصصة في مجال الإنشاءات الجوية. اكتملت المرحلة الثانية من التطوير في ربيع عام 1988 عبر تحالف ثلاثي ضم شركات "ستراباغ" و"بيلفنجر آند بيرجر" الألمانيتين و"يونيفرسال" النمساوية، حيث ركزت الأعمال على إنشاء مرافق متطورة تلبي احتياجات الطيران المدني والعسكري.

شكلت حرب الخليج عام 1991 منعطفاً حاسماً في مسيرة المطار، حيث توقفت مشاريع التطوير المخطط لها وأصبح المطار يعمل بشكل محدود. لم تشهد المنشأة تطويراً حقيقياً إلا بعد عام 2003، حيث نفذت وكالة التنمية الأمريكية USAID مشاريع إعادة إعمار شاملة شملت إنشاء أبراج مراقبة جوية متطورة وتحديث أنظمة الملاحة والاتصالات. أعيد افتتاح المطار رسمياً للطيران المدني في يونيو 2004، حيث استقبل أول رحلة تجارية من الخطوط العراقية من بغداد على متن طائرة بوينج 727.

شهدت الفترة بين 2003-2009 استخدام القوات البريطانية للمطار كقاعدة عسكرية رئيسية في جنوب العراق، حيث ساهمت في الحفاظ على البنية التحتية وتشغيل بعض المرافق. في عام 2009، سلمت القوات البريطانية إدارة المطار للسلطات العراقية التي بدأت مرحلة جديدة من التطوير والإدارة المحلية. منذ ذلك الحين، شهد المطار استثمارات كبيرة في تحديث المرافق وزيادة الطاقة الاستيعابية.

البنية التحتية ومرافق مطار البصرة المتطورة

يتميز مطار البصرة الدولي ببنية تحتية حديثة تخدم احتياجات المسافرين وشركات الطيران على حد سواء. تبلغ الطاقة الاستيعابية الحالية للمطار 2.5 مليون مسافر سنوياً، مع إمكانية التوسع إلى 4 ملايين مسافر في المراحل القادمة. يشمل المطار صالة ركاب رئيسية مجهزة بأحدث أنظمة الخدمات، بالإضافة إلى مركز متكامل لرجال الأعمال يحتوي على قاعات اجتماعات ومكاتب مؤثثة ومزودة بخدمات اتصال عالية السرعة.

يشمل المطار محطة متطورة للأرصاد الجوية تعمل وفق المعايير الدولية، حيث توفر بيانات دقيقة للطقس والملاحة الجوية. تم تجهيز المدرج الرئيسي (17/35) بأنظمة هبوط آلية من الفئة الثانية، مما يمكن الطائرات من الهبوط في ظروف جوية صعبة. يبلغ طول المدرج 4000 متر وعرضه 60 متراً، مما يسمح باستقبال الطائرات wide-body مثل Boeing 747 وAirbus A380.

تم تركيب خمسة جسور هوائية متطورة صنعت في السويد وتم تركيبها بمعرفة شركة مصرية متخصصة. يبلغ طول كل جسر 36 متراً ويتميز بتصميم مرن يمكنه من التحرك عمودياً وأفقياً للوصول إلى مختلف أنواع الطائرات. حلت هذه الجسور محل السلالم المتحركة والحافلات القديمة، مما وفر سرعة وكفاءة في خدمة المسافرين وأضاف لمسة جمالية للمظهر العام.

شركات الطيران العاملة بمطار البصرة والوجهات المتاحة

يستضيف مطار البصرة الدولي مجموعة متنوعة من شركات الطيران المحلية والدولية، حيث يقدم رحلات منتظمة إلى أكثر من 20 وجهة في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا. تشمل الشركات الناقلة الرئيسية فلاي بغداد وفلاي أربيل وخطوط أور الجوية إلى جانب ناقلات إقليمية وعالمية مرموقة.

تشمل الوجهات الدولية المباشرة من المطار: دبي (فلاي دبي والاتحاد للطيران)، الدوحة (الخطوط القطرية)، إسطنبول (الخطوط التركية وبيغاسوس)، عمان (الملكية الأردنية)، بيروت (طيران الشرق الأوسط)، القاهرة (النيل للطيران)، بالإضافة إلى وجهات أوروبية مثل لندن وفرانكفورت عبر الخطوط العراقية. كما يقدم المطار رحلات داخلية منتظمة إلى مطار النجف ومطار دهوك ومطار كركوك.

خطط تطوير مطار البصرة المستقبلية والرؤية الاستراتيجية

تتبنى الحكومة المحلية في البصرة خطة طموحة لتطوير مطار البصرة ضمن استراتيجية شاملة لتحسين البنية التحتية للنقل في المحافظة. تشمل الخطة مشاريع إنارة السياج الخارجي للمطار على مساحة 12 كيلومتراً، وتشجير الطرق المؤدية للمطار بأنواع نباتية محلية متحملة للظروف المناخية، وإعادة تأهيل محطات الكهرباء والماء لضمان استمرارية الخدمات.

تشير التقارير الرسمية إلى إنجاز 80% من مشاريع إعادة التأهيل المخطط لها، حيث تم تحسين خدمات الصالة الرئيسية وتحديث أنظمة الأمن والسلامة. يخطط المطار لإنشاء صالة شحن جوي متكاملة على مساحة 5000 متر مربع، مما سيعزز من دور المطار كمركز لوجستي للإقليم. كما يجري التخطيط لإنشاء فندق مجاور للمطار بسعة 150 غرفة لتلبية احتياجات المسافرين ورجال الأعمال.

يشهد مطار البصرة تطوراً ملحوظاً في خدمة حجاج بيت الله الحرام ومعتمري العمرة، حيث خصصت إدارة المطار صالة خاصة للحجاج والعمرة بالتعاون مع هيئة الحج والعمرة. تم تنظيم رحلات مباشرة إلى جدة والمدينة المنورة، مما يسهل على سكان المحافظات الجنوبية أداء المناسك دون الحاجة للتنقل إلى حجز طيران رخيص من مطارات أخرى. يمكن للمسافرين الاستعلام عن سعر الوزن الزائد على الخطوط العراقية عبر الموقع الإلكتروني للمطار.

تشمل خطط التطوير المستقبلية إنشاء مدرج ثانٍ بطول 3600 متر، وتوسعة صالة الركاب لتصل طاقتها إلى 5 ملايين مسافر سنوياً، وإنشاء منطقة حرة للتجارة والخدمات اللوجستية. تسعى إدارة المطار للحصول على شهادات جودة عالمية في مجال السلامة والأمن والخدمات، مما سيرفع من تصنيف المطار ويساهم في جذب المزيد من شركات الطيران الدولية.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك