مطار الموصل الدولي: بوابة نينوى الجوية نحو العالم
يُعد مطار الموصل الدولي (رمز الإياتا: OSM، رمز الإيكاو: ORBM) منشأة طيران مدني وعسكري متكاملة تقع في قلب محافظة نينوى بالعراق. يحتل هذا المطار مكانة استراتيجية كبؤرة حيوية للربط الجوي في شمال البلاد، حيث يبعد حوالي 5 كيلومترات فقط عن مركز مدينة الموصل، ومسافة 405 كيلومترات شمال العاصمة بغداد. يشتهر المطار بتصميمه الحديث الذي يلبي أعلى معايير السلامة والأمان الدولية بعد عمليات إعادة التأهيل الشاملة التي شهدها مؤخراً.
يتميز مطار الموصل الدولي بكونه محوراً أساسياً لعمليات النقل الجوي في المنطقة الشمالية، حيث يستقبل رحلات منتظمة إلى الوجهات المحلية والدولية على حد سواء. وتشمل مرافقه صالات سفر ووصول عصرية، ومنشآت شحن جوي متطورة، وأنظمة ملاحة حديثة تدير حركة الطائرات بكفاءة عالية. كما يضم المطار مقراً تشغيلياً لشركة الخطوط العراقية، مما يجعله نقطة انطلاق مهمة للرحلات المتجهة إلى مختلف المحافظات العراقية.

التطور التاريخي لمطار الموصل الدولي: من القاعدة العسكرية إلى منشأة الطيران المدني
شهد مطار الموصل الدولي تحولات تاريخية عميقة منذ تأسيسه عام 1920 على يد القوات الجوية الملكية البريطانية خلال فترة الانتداب. فقد بدأ المطار حياته كقاعدة عسكرية متواضعة، ثم تحول إلى منشأة مدنية عام 1922، ليشهد بعدها سلسلة من التطورات التي شكلت مساره عبر العقود.
خلال الفترة الممتدة من 1922 إلى 1936، استضاف المطار وحدات عسكرية بريطانية متخصصة، بما في ذلك شركات السيارات المدرعة التابعة للقوات الجوية الملكية. وشكل تسليم المنشأة للقوات الجوية العراقية عام 1936 نقطة تحول مهمة في مسيرة المطار، حيث أصبح جزءاً من المنظومة الدفاعية الوطنية الناشئة. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، عاد المطار ليكون قاعدة عمليات للقوات الجوية البريطانية، مما يعكس أهميته الاستراتيجية في الإقليم.
شهدت حقبة السبعينيات مشاريع تطوير ضخمة لمطار الموصل في إطار مشروع "القاعدة الفائقة" الذي نفذته الحكومة العراقية رداً على التطورات الإقليمية في ذلك الوقت. وقد جهز المطار بأنظمة دفاعية متطورة ومرافق متكاملة، مما جعله واحداً من أهم القواعد الجوية في المنطقة. وخلال فترة حظر الطيران الذي فرض على العراق بعد عام 1990، توقفت جميع حركات الطيران المدني في المطار، ليعود وينشط من جديد بعد عام 2003.
شكل عام 2007 محطة مهمة في تاريخ المطار الحديث، حيث أعيد تأهيله بالكامل وافتتاحه للرحلات التجارية بعد استثمار ملايين الدولارات في تحديث مرافقه. وشملت عمليات التطوير بناء برج مراقبة جوية جديد، وترميم صالة الركاب، وتحديث أنظمة الملاحة والاتصالات. وقد شهد المطار أول رحلة تجارية منتظمة في ديسمبر 2007 عندما نقلت الخطوط العراقية 152 حاجاً إلى بغداد.
واجه مطار الموصل الدولي تحديات جسيمة خلال سيطرة تنظيم داعش عام 2014، حيث تعرض لأضرار كبيرة شملت تدمير أجزاء من مدرج الهبوط. لكن الجهود الحكومية المتواصلة أسفرت عن تحرير المطار في فبراير 2017، لتبدأ بعدها عمليات إعادة الإعمار والتأهيل الشاملة التي أهلته لاستئناف عملياته بشكل كامل.
البنية التحتية والمرافق المتطورة في مطار الموصل الدولي
يتميز مطار الموصل الدولي ببنية تحتية متكاملة تخدم جميع احتياجات المسافرين والطائرات على حد سواء. تبلغ المساحة الإجمالية لمبنى الركاب 2500 متر مربع، ويضم صالة سفر فسيحة بمساحة 296 متراً مربعاً مجهزة بأحدث وسائل الراحة، وصالة وصول بمساحة 170 متراً مربعاً تستقبل الركاب القادمين. كما يضم المطار مكاتب إدارية متخصصة، ومركزاً أمنياً متطوراً، ومنشآت خدمية متنوعة.
يشمل مطار الموصل مدرجاً رئيسياً للطائرات يبلغ طوله 4000 متر وعرضه 60 متراً، مصمماً وفق المعايير الدولية لاستقبال مختلف أنواع الطائرات التجارية. وقد تم تجهيز المدرج بأنظمة إضاءة متطورة، وأنظمة ملاحة دقيقة، وأجهزة مساعدة للهبوط في مختلف الظروف الجوية. وتتوفر في المطار مرافق تزود الطائرات بالوقود، ومراكز الصيانة، ومستودعات شحن مجهزة بأحدث التقنيات.
تشمل خطط التطوير المستقبلية للمطار مشاريع توسعة شاملة تشمل بناء صالة ركاب جديدة، وتطوير المناطق التجارية، وتركيب أنظمة رقمية متكاملة لإدارة العمليات. ويهدف هذه المشاريع إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمطار وتحسين جودة الخدمات المقدمة للركاب والشركات العاملة.
الشركات والخطوط الجوية العاملة في مطار الموصل الدولي
يشهد مطار الموصل الدولي حركة ملاحية نشطة تشمل رحلات منتظمة إلى الوجهات المحلية والدولية. وتعمل في المطار عدة شركات طيران رائدة تقدم خدماتها للمسافرين وشحن البضائع. وتشمل هذه الشركات:
- الخطوط العراقية: تنفذ رحلات يومية منتظمة إلى مطار بغداد الدولي، بالإضافة إلى رحلات أسبوعية إلى دبي وعمان والقاهرة واسطنبول
- طيران جوبيتر: تقدم رحلات منتظمة إلى دبي وإسطنبول وبيروت
- فلاي بغداد: تشغل رحلات مكوكية بين الموصل وبغداد
- فلاي أربيل: تربط المطار مع مطار أربيل الدولي
- خطوط أور الجوية: تقدم خدمات الشحن الجوي والرحلات الموسمية
يقدم مطار الموصل الدولي خدمات متكاملة لحجاج بيت الله الحرام، حيث ينظم رحلات خاصة خلال موسم الحج بالتعاون مع شركات الطيران العاملة. كما يستقبل المطار رحلات الشحن الجوي التي تدعم الحركة التجارية والاقتصادية في المحافظة، مما يجعله شرياناً حيوياً للتنمية في شمال العراق.
يشكل المطار جزءاً من الشبكة الجوية العراقية المتكاملة التي تضم مطار البصرة الدولي، مطار السليمانية الدولي، مطار النجف الدولي، مطار دهوك الدولي، ومطار كركوك الدولي. وتتوفر في المطار جميع الخدمات المسانعة بما في ذلك خدمات حجز الوزن الزائد على الخطوط العراقية وغيرها من الخدمات المسانعة لراحة المسافرين.
ليست هناك تعليقات: