مطار النعمة: البوابة الجوية الشرقية لموريتانيا ومنطقة الساحل
يُعد مطار النعمة (رمز الإياتا: EMP، رمز الإيكاو: GQNH) منشأة جوية إستراتيجية بالغة الأهمية في المشهد الطيراني الموريتاني، حيث يمثل المحور الرئيسي للربط الجوي بين المناطق الشرقية من البلاد والعاصمة نواكشوط. يحتل المطار موقعاً جيوإستراتيجياً فريداً في مدينة النعمة، عاصمة ولاية الحوض الشرقي، التي تقع على بعد حوالي 1,200 كيلومتر شرق مطار نواكشوط الدولي. يتميز المطار بقربه من الحدود الموريتانية المالية، مما يجعله نقطة عبور حيوية للتبادل التجاري والحركة السكانية بين البلدين، كما يلعب دوراً محورياً في دعم العمليات الإنسانية والتنموية في منطقة الساحل، ويكمل شبكة المطارات الموريتانية التي تضم مطار أطار الدولي ومطار ازويرات.
المسار التاريخي والتطور المؤسسي
تعود النشأة التاريخية لمطار النعمة إلى عقد السبعينيات من القرن العشرين، حيث تم إنشاؤه ضمن خطة الحكومة الموريتانية لتطوير البنية التحتية للنقل في المناطق النائية. شهد المطار تحولات جذرية خلال عقد التسعينيات مع تزايد الأهمية الإستراتيجية للمنطقة الشرقية، حيث خضع لعملية تطوير شاملة شملت توسعة المدرج وتحديث أنظمة الملاحة والاتصالات. وعلى مدى العقود الماضية، تطور المطار من منشأة بسيطة إلى مطار إقليمي متكامل يلبي الاحتياجات المتزايدة للنقل الجوي في منطقة تشهد تنمية اقتصادية واجتماعية متسارعة، مع التركيز على تعزيز الأمن والسلامة الجوية وفق المعايير الدولية.

البنية التحتية المتكاملة والمرافق الحديثة
يتمتع مطار النعمة ببنية تحتية متطورة تشمل مدرج هبوط وإقلاع رئيسي مصمم وفق المعايير الدولية، حيث يبلغ طوله 2,600 متر وعرضه 30 متراً، ومجهز لاستقبال الطائرات متوسطة الحجم مثل طرازات ATR 72 والطائرات الإقليمية الأخرى. يضم المطار برج مراقبة جوية مجهز بأحدث أنظمة الاتصالات والملاحة، بالإضافة إلى مبنى ركاب حديث يتسع لـ 150 راكباً في الساعة ويحتوي على مناطق متكاملة لخدمات الوصول والمغادرة ومرافق الجوازات والجمارك. كما يمتلك المطار مرافق شحن متخصصة تدعم نقل البضائع والمساعدات الإنسانية، مما يجعله مركزاً لوجستياً حيوياً لخدمة منطقة الحوض الشرقي والمناطق الحدودية المجاورة.
الدور التنموي والأهمية الاقتصادية
يؤدي مطار النعمة دوراً محورياً في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة الشرقية من موريتانيا، حيث يسهم في تسهيل حركة المسافرين والبضائع بين العاصمة نواكشوط وولايات الحوضين الشرقي والغربي. تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المطار ينقل أكثر من 35,000 راكب سنوياً، مع تحقيق معدلات نمو سنوية تصل إلى 8% خلال السنوات الخمس الماضية. ويسهم المطار بشكل مباشر في توفير فرص عمل لأكثر من 200 شخص بشكل مباشر، ويدعم أنشطة القطاعات الاقتصادية الرئيسية في المنطقة مثل الزراعة والتجارة الحدودية والخدمات اللوجستية، مما يجعله محركاً أساسياً للتنمية في منطقة الحوض الشرقي، إلى جانب دوره في تعزيز التكامل مع مطار نواذيبو الدولي على الساحل الغربي.
الموقع الإستراتيجي والبيئة المحيطة
تقع مدينة النعمة في أقصى الشرق الموريتاني، ضمن منطقة سهلية تتميز بمناخ شبه صحراوي وغطاء نباتي متنوع. تحيط بالمدينة مناطق زراعية خصبة تعتمد على الأمطار الموسمية، وتشكل مركزاً للتجارة الحدودية مع مالي عبر معبر النعمة-نيورو. وتتمتع المنطقة بثروة حيوانية كبيرة، حيث تعد من أهم مناطق الرعي في البلاد، وفقاً لتقارير وزارة التنمية الريفية الموريتانية. ويشكل المطار حلقة وصل حيوية بين العاصمة نواكشوط والمناطق النائية في الشرق، مما يعزز اندماج هذه المناطق في النسيج الاقتصادي الوطني ويسهل تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
الخدمات الجوية والروابط الملاحية
تشمل الحركة الجوية في مطار النعمة شبكة من الرحلات المنتظمة التي تشغلها الخطوط الجوية الموريتانية وموريتانيا للطيران، حيث تقدم رحلات منتظمة إلى نواكشوط بمعدل 4 رحلات أسبوعياً، بالإضافة إلى رحلات موسمية إلى مطار نواذيبو الدولي. كما يستضيف المطار رحلات خاصة تابعة للمنظمات الدولية والإنسانية العاملة في المنطقة، وطائرات الإسعاف الطبي الجوي. وتشير بيانات الهيئة العامة للطيران المدني إلى أن المطار يستقبل أكثر من 45 رحلة شهرية، مع تحقيق معدلات إشغال تصل إلى 70% على الخطوط الرئيسية، مما يجعله ثالث أكثر المطارات نشاطاً في المناطق الداخلية للبلاد بعد مطار ازويرات.
التحديات التشغيلية وآفاق التطوير المستقبلية
يواجه مطار النعمة مجموعة من التحديات التشغيلية المرتبطة بموقعه الجغرافي والظروف المناخية، بما في ذلك موسم الأمطار والعواصف الرملية وتقلبات درجات الحرارة. ومع ذلك، توجد خطط طموحة لتطوير المطار ضمن الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطيران المدني 2030، تشمل مشروع توسعة المدرج إلى 3,000 متر وبناء مبنى ركاب جديد يتسع لـ 300 راكب في الساعة. كما تدرس الحكومة الموريتانية إدخال أنظمة ملاحة متطورة للطيران الليلي، وتطوير مرافق الشحن الجوي لدعم الصادرات الزراعية والحيوانية من المنطقة، مما سيعزز دور المطار كمنصة لوجستية متكاملة تخدم التنمية في المنطقة الشرقية من البلاد.
الأمن والسلامة الجوية
يتمتع مطار النعمة بنظام متكامل للأمن والسلامة الجوية يتوافق مع معايير المنظمة الدولية للطيران المدني (الإيكاو)، حيث يضم أحدث أنظمة الكشف الأمني ومراقبة المسافرين والأمتعة. ويعمل في المطار طاقم مؤهل من مراقبي الحركة الجوية وفنيي الصيانة وموظفي الأمن الذين تلقوا تدريبات متخصصة في مجال السلامة الجوية. وتجري الهيئة العامة للطيران المدني عمليات تفتيش دورية لضمان التزام المطار بالمعايير الدولية، مع تركيز خاص على تعزيز إجراءات الأمن في ظل التحديات الأمنية في منطقة الساحل، مما يضمن بيئة طيران آمنة ومأمونة لجميع المستخدمين.
ليست هناك تعليقات: