الاثنين، 15 يناير 2018

موريتانيا للطيران - الخطوط الجوية الموريتانية

موريتانيا للطيران: رحلة طموحة في سماء النقل الجوي الموريتاني

مثلت شركة موريتانيا للطيران (Mauritania Airways) علامة فارقة في مسيرة تطور الطيران المدني بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، حيث تأسست كشركة طيران وطنية تجمع بين رأس المال العام والخاص بهدف أن تكون الناقل الجوي شبه الرسمي للبلاد. اتخذت الشركة من العاصمة نواكشوط مركزاً رئيسياً لعملياتها، واختارت مطار نواكشوط الدولي محوراً أساسياً لتشغيل رحلاتها المحلية والدولية. حملت الشركة رمز الإيكاو: MTW ورمز الإياتا: YD، وشكلت حلقة مهمة في سلسلة تطور النقل الجوي الموريتاني رغم أنها توقفت عن العمل رسمياً في ديسمبر 2010 بسبب تحديات تشغيلية وتنظيمية متعددة.

موريتانيا للطيران Mauritania Airways

تأسيس موريتانيا للطيران والهيكل التنظيمي

شهد ديسمبر 2006 ميلاد موريتانيا للطيران من خلال شراكة استراتيجية ثلاثية الأطراف جمعت بين خبرة دولية ورساميل محلية و دعم حكومي. تكونت هيكلية المساهمين من:

  • الخطوط الجوية التونسية التي سيطرت على 51% من الأسهم مما منحها السيطرة الإدارية والتشغيلية
  • رجل الأعمال الموريتاني البارز محمد ولد بوماتو الذي امتلك 39% من رأس المال
  • الحكومة الموريتانية التي حافظت على حصة 10% لضمان التمثيل الوطني

جاء تأسيس الشركة كبديل استراتيجي لـالخطوط الجوية الموريتانية التي عانت من أزمات مالية وتشغيلية حادة أدت إلى تصفيتها. سعت الإدارة الجديدة إلى تحقيق أهداف طموحة شملت تعزيز السيادة الجوية الوطنية، خلق فرص عمل للكوادر الموريتانية، وتأسيس شبكة رحلات تغطي المدن الداخلية مثل مطار أطار الدولي ومطار ازويرات ومطار النعمة، بالإضافة إلى ربط البلاد بالعواصم الإفريقية والأوروبية.

الانطلاق والتوسع

انطلقت أولى رحلات موريتانيا للطيران التجارية في 7 نوفمبر 2007 محققة قفزة نوعية في قطاع النقل الجوي الموريتاني. وسرعان ما توسعت شبكة وجهاتها لتشمل محاور إقليمية ودولية متعددة، حيث استفادت من الخبرة التونسية في إدارة عمليات الطيران. غير أن مسيرة النمو واجهت عراقيل تنظيمية كبيرة عندما أصدرت المفوضية الأوروبية قراراً بحظر طيران الشركة في المجال الجوي الأوروبي بسبب ملاحظات فنية تتعلق بمعايير الصيانة والسلامة. وأخيراً، في 23 ديسمبر 2010 توقفت الشركة عن العمل تمهيداً لإطلاق الموريتانية الدولية للطيران ككيان وطني جديد.

رؤية موريتانيا للطيران والأهداف الاستراتيجية

  • تعزيز الوجود الجوي الوطني من خلال ناقل جوي يحمل العلم الموريتاني
  • معالجة الاختناقات في قطاع النقل الجوي وتوفير بدائل سفر متعددة للمواطنين
  • توفير فرص عمل مستدامة وامتصاص البطالة بين خريجي التخصصات Aviation
  • تطوير شبكة النقل الجوي من مطار نواذيبو الدولي ومطارات داخلية أخرى
  • دعم التنمية الاقتصادية الشاملة وربط موريتانيا بالأسواق الإقليمية والدولية

الهيكل التشغيلي والأسطول

اعتمدت موريتانيا للطيران على أسطول متنوع وإن كان محدوداً من الطائرات، حيث تكون من:

  • طائرتان من طراز Boeing 737-700 تم استئجارهما من الخطوط التونسية للرحلات متوسطة المدى
  • طائرة واحدة من طراز ATR 42-300 مخصصة للرحلات الداخلية والإقليمية القصيرة

مكّن هذا الأسطول الشركة من تغطية احتياجات السوق الموريتاني المتنوعة، حيث جمع بين الرحلات الداخلية التي ربطت مطار نواكشوط الدولي بالمطارات الداخلية، والرحلات الإقليمية والدولية التي وسعت من وجود البلاد في خريطة الطيران العالمية.

شبكة الوجهات والإنجازات

رغم قصر عمرها التشغيلي، استطاعت موريتانيا للطيران بناء شبكة وجهات ملحوظة شملت:

  • غرب إفريقيا: بنين، كوت ديفوار، جامبيا، مالي، النيجر، الكونغو، السنغال
  • شمال إفريقيا: تونس والمغرب كوجهات رئيسية في المحور العربي
  • أوروبا: فرنسا (باريس) وإسبانيا (لاس بالماس ومدريد) كبوابات للقارة العجوز

وضعت الشركة خططاً طموحة للتوسع نحو الأسواق الأوروبية، مستهدفةً بشكل خاص الجالية الموريتانية الكبيرة في فرنسا. كما نجحت في إبرام اتفاقيات شراكة استراتيجية مع شركات طيران رائدة، أبرزها الخطوط الجوية التونسية والخطوط الملكية المغربية، مما وفر للمسافرين مرونة كبيرة في خيارات السفر من خلال تذاكر مشتركة وشبكات routes متكاملة.

التحديات وعوامل التوقف

واجهت موريتانيا للطيران جملة من التحديات المعقدة التي أدت إلى توقفها:

  • قيود السلامة الصارمة التي فرضها الاتحاد الأوروبي وأثرت على الجدوى الاقتصادية
  • محدودية الأسطول وعدم ملاءمته للمتطلبات التشغيلية الدولية الطموحة
  • ضغوط مالية وإدارية متزايدة مع تراكم التحديات التشغيلية
  • نقص الخبرة المحلية في إدارة شركات الطيران ذات النطاق الدولي

أسفرت هذه العوامل مجتمعة عن توقف العمليات في ديسمبر 2010، لتدخل الشركة تاريخ الطيران الموريتاني كمرحلة انتقالية مهمة بين عهدي الخطوط الجوية الموريتانية التقليدية والموريتانية الدولية للطيران الحديثة.

الإرث والتأثير المستدام

على الرغم من الفترة التشغيلية القصيرة، تركت Mauritania Airways إرثاً مهماً في قطاع الطيران الموريتاني، حيث مثلت تجربة رائدة في محاولة إعادة تأهيل النقل الجوي الوطني. ساهمت الشركة في تدريب وتأهيل كوادر بشرية متخصصة لا تزال تعمل في قطاع الطيران المحلي والدولي، كما شكلت جسراً مهماً نحو بناء ناقل وطني أكثر قوة واستدامة. لقد مثلت المحاولة جرأة استثمارية وإدارية في إعادة موريتانيا إلى خريطة الطيران الإقليمي والدولي، وتركت دروساً مهمة للإدارات اللاحقة في قطاع الطيران المدني.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك