الخميس، 14 أبريل 2016

الخطوط الموريتانية - طيران موريتانيا

التأسيس والتطور التاريخي للناقل الجوي الموريتاني

تشكل الخطوط الموريتانية Mauritania Airlines رمزاً وطنياً للسيادة الجوية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، حيث انطلقت رحلتها الأولى في ستينيات القرن الماضي كأول مشروع طيران وطني بالكامل. بدأت مسيرة الشركة في أكتوبر 1962 عبر اتفاقيات تأجير طائرات من طراز دوغلاس دي سي-3 بدعم فني من شركة سبانتاكس الإسبانية المتخصصة في الخدمات الجوية. شهد عام 1965 نقلة نوعية بإضافة طائرات نور 262 الفرنسية الصنع إلى الأسطول، تلتها تحولات هيكلية في 1967 بإشراك شركة طيران أفريقيا والاتحاد الفرنسي للنقل الجوي في الملكية بنسب استثمارية محددة.

الخطوط الجوية الموريتانية Mauritania Airlines

مع حلول عقد السبعينات، دخلت الشركة مرحلة التوسع الإقليمي عبر تشغيل طائرات إليوشن إيل-18 السوفيتية التي وصلت إلى محطات إقليمية مهمة مثل داكار ولاس بالماس. بحلول مارس 1970، نمت قاعدة موظفي الشركة إلى 120 عاملاً مع تشغيل شبكة محلية ودولية متكاملة باستخدام طائرات متعددة الأنواع. تميزت الفترة بين 1974-1975 بإعادة هيكلة شاملة وتحول الاسم التجاري إلى "شركة الخطوط الموريتانية المختلطة" مع زيادة مساهمة الحكومة إلى 60% من رأس المال.

شهدت حقبة الثمانينات تحولات تقنية كبيرة بدخول طائرتي فوكر إف 28-4000 الهولنديتين إلى الخدمة في نوفمبر 1983، مما عزز القدرات التشغيلية للناقل الوطني. لكن المنعطف الأبرز جاء في يوليو 1994 بحادثة مؤسفة فقدت فيها الشركة إحدى طائراتها أثناء هبوطها في مطار أطار خلال ظروف جوية صعبة. دفع ذلك إلى تحديث الأسطول بطائرتي إيه تي آر 42 الجديدتين في 1996، مما ساهم في تعزيز معايير السلامة الجوية.

مع دخول الألفية الثالثة، واجه الناقل الوطني تحديات تنظيمية كبيرة حيث علقت المملكة المتحدة تصريح التحليق في مجالها الجوي في يناير 2004 بسبب مخاوف تتعلق بالامتثال لمعايير منظمة الطيران المدني الدولي. تلا ذلك أزمة مالية حادة في 2005 أدت إلى تغيير الإدارة العليا، ثم محاولة اندماج مع الخطوط الملكية المغربية في 2006 لم تكلل بالنجاح. في ديسمبر 2006، شهد القطاع ولادة شركة طيران جديدة باسم موريتانيا للطيران بدعم من مستثمرين تونسيين ومحليين.

بلغت التحديات ذروتها في سبتمبر 2007 عندما توقفت الشركة عن العمليات بشكل كامل بعد تراكم الديون ومصادرة طائراتها من قبل شركات التأجير، لتدخل مرحلة التصفية الرسمية. لكن القصة لم تنته هنا، ففي مايو 2009 صدر مرسوم رئاسي بتأسيس شركة وطنية جديدة بالكامل تحت اسم "الموريتانية الدولية للطيران" التي بدأت عملياتها في ديسمبر 2010 من مطار نواكشوط الرئيسي.

تحديث الخطوط الموريتانية الاستراتيجي للأسطول والشبكة الجوية

يشهد الأسطول الجوي للخطوط الموريتانية تطوراً ملحوظاً في العقد الأخير، حيث تمتلك الشركة تشكيلة متكاملة من الطائرات المتوسطة والقصيرة المدى. تضم التشكيلة الحالية طائرات إمبراير 145 البرازيلية المخصصة للرحلات الداخلية بين مطار أزويرات ومطار النعمة ومطار نواذيبو، بالإضافة إلى خمس طائرات بوينج 737 بمختلف طرازاتها تشمل الجيل الجديد من بوينج 737 ماكس 8.

تميزت الفترة بين 2016-2019 بقفزة تقنية كبيرة باستلام طائرتي بوينج 737-800 في نوفمبر 2016، تلاها استلام أول طائرة من الجيل الجديد 737 ماكس 8 في ديسمبر 2017. كما شهد نوفمبر 2019 تعزيز الأسوسطل بطائرتي إمبراير 175-إل آر المتطورة التي تتمتع بكفاءة وقود عالية وتقنيات ملاحة متقدمة. تجري حالياً مفاوضات متقدمة مع شركة بوينج الأمريكية لضم طائرة ثانية من طراز 737 ماكس إلى الأسطول.

تمتد الشبكة الجوية لشركة الخطوط الموريتانية لتغطي 15 وجهة دولية في أفريقيا وأوروبا، مع تركيز خاص على ربط العاصمة نواكشوط بالمراكز الاقتصادية الإقليمية. تشمل الوجهات الأفريقية داكار وأبيدجان وباماكو وكوتونو وبرازافيل وواغادوغو، بالإضافة إلى رحلات منتظمة إلى الدار البيضاء. تعتمد الشركة على شراكات استراتيجية مع وكالات سفر متخصصة مثل تنادى للسفريات لإدارة التذاكر والخدمات الأرضية.

تتبنى الشركة رؤية طموحة للتوسع في السوقين الأفريقي والدولي، مع التركيز على تعزيز البنية التحتية للطيران الداخلي عبر تحديث مطاري أطار والنعمة. يمكن للركاب الاستفادة من عروض حجز طيران رخيص عبر الموقع الإلكتروني والموبايل أبلكيشن، حيث توفر الشركة خيارات دفع متعددة وتذاكر مرنة تناسب مختلف الاحتياجات.

تشير إحصاءات 2023 إلى أن الخطوط الموريتانية تنقل أكثر من 400 ألف راكب سنوياً عبر 70 رحلة أسبوعية، مما يساهم في تعزيز الحركة السياحية والاقتصادية للبلاد. تحافظ الشركة على معدلات التزام بالمواعيد تتجاوز 85% وفقاً لتقارير هيئة الطيران المدني الموريتاني، مع التزام بارز بمعايير السلامة والأمان العالمية.

شهدت الخطوط الموريتانية تطورات كبيرة خلال عام 2025، حيث واجهت الشركة تحديات غير مسبوقة في الطاقة التشغيلية ما دفعها إلى حلول استراتيجية تدعم خدماتها وأساطيلها في الداخل والخارج.

خطط الأسطول وعمليات التأجير

مع بداية صيف 2025، لجأت الخطوط الموريتانية إلى استئجار طائرة إيرباص A321 من شركة SmartLynx لتغطية أزمة الطاقة ونقص الأسطول، بعد توقف أربع طائرات من أصل ستة عن العمل والصيانة المطولة لبعضها. وفي ذات الوقت عززت الشركة قدرات النقل الجوي باستئجار إيرباص A320 من Malta MedAir في أبريل، بهدف دعم الخطوط الإقليمية الرئيسية نحو أبيدجان وداكار، وضمان الاستمرارية في ظل تزايد الطلب على الرحلات إلى غرب أفريقيا.

توسع الشراكات والربط الدولي

أعلنت الخطوط الموريتانية عن شراكة استراتيجية تاريخية مع الخطوط الملكية المغربية عبر اتفاقية تشارك الرموز (Free Flow Codeshare)، حيث تم زيادة وتيرة الرحلات بين نواكشوط والدار البيضاء لتصل إلى تسع رحلات أسبوعياً، وتوسعت الاتفاقية لتمنح المسافرين الموريتانيين إمكانية العبور إلى وجهات هامة مثل مدريد، باريس، دبي، ولواندا عبر مطار الدار البيضاء باستخدام شبكة الملكية المغربية. هذا التوسع عزز حركة الربط الدولي لصالح السياحة والتجارة والاستثمار في موريتانيا والمنطقة.

برامج الحج والعمرة والخدمات الموسمية

خصصت الشركة خلال موسم 2025 برامج خاصة لرحلات الحج والعمرة إلى المدينة المنورة وجدة، حيث انطلقت رحلات موسمية ابتداءً من فبراير حتى أبريل للعمرة، ومواعيد مميزة لحجاج موريتانيا بين مايو ويونيو، ما يعكس التزام الشركة بمتطلبات السوق الديني والسياحي.

تحديات وملامح مستقبلية

تعاني الخطوط الموريتانية من ضغوط كبيرة أبرزها نقص الأسطول، مما دفعها إلى اعتماد التأجير القصير الأمد لتغطية الرحلات الأساسية، إلى جانب توجهات حكومية لدراسة هيكل الشركة وإعادة هيكلتها بما يواكب التغيرات الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات في البنية التحتية للطيران المدني الموريتاني.

تظهر التطورات الأخيرة للخطوط الموريتانية توجهًا جادًا نحو تعزيز الربط الإقليمي والدولي رغم تحديات نقص الأسطول وحاجة قطاع الطيران لتمويلات وتحديثات، ما يجعل الشركة عنصرًا محوريًا في حركة الملاحة الجوية بالمنطقة.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك