يُعتبر مطار صنعاء الدولي (Sana'a International Airport) من المنشآت الجوية الاستراتيجية في الجمهورية اليمنية، حيث يحتل موقعاً متقدماً بين مطارات البلاد من حيث الأهمية التشغيلية والتاريخية. يقع هذا المنشأ الحيوي في القسم الشمالي من العاصمة صنعاء، على مسافة تقدر بحوالي 15 كيلومتراً من المركز الحضري للمدينة، مما يجعله نقطة وصل حيوية للمسافرين والقادمين من مختلف أنحاء المحافظة والمناطق المحيطة. يحمل المطار رمزاً تعريفياً في رموز الإياتا العالمي هو SAH، بينما يميزه في منظمة الطيران المدني الدولي رمز OYSN. يشكل المطار المقر التشغيلي الرئيسي لشركة طيران اليمنية الوطنية، كما يستضيف عمليات عدد من شركات الطيران المحلية الأخرى بما فيها طيران اليمدا وطيران السعيدة.

المسار التاريخي لتطور مطار صنعاء الدولي
يعود تأسيس مطار صنعاء الدولي إلى عقد السبعينيات من القرن العشرين، وتحديداً في إطار اتفاقية التعاون الثنائي التي وقعتها الجمهورية العربية اليمنية آنذاك مع جمهورية ألمانيا الاتحادية. تم تصميم المطار في الأصل ليشمل مدرجاً جوياً يتقاسم الاستخدام مع القاعدة الجوية العسكرية المجاورة المعروفة باسم "قاعدة الديلمي"، والتي كانت تضم تشكيلة متنوعة من طائرات النقل والمقاتلات التابعة لسلاح الجو اليمني. شهد المطار خلال عقود تشغيله تطورات متلاحقة في بنيته التحتية ومرافقه الخدمية، حيث تم توسعة صالات الركاب وتحديث أنظمة الملاحة الجوية بشكل دوري لمواكبة التطورات التقنية في مجال الطيران المدني.
مع بداية شهر مارس من العام 2015، دخل المطار مرحلة حرجة في تاريخه التشغيلي بسبب تداعيات الحرب اليمنية وفرض التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية حظراً جوياً شاملاً على المجال الجوي اليمني. أدى هذا القرار إلى تعليق كافة الرحلات الجوية المدنية المنتظمة من وإلى المطار، مما أثر بشكل بالغ على حركة النقل الجوي وحرية تنقل المواطنين. اقتصر النشاط الجوي خلال هذه الفترة على رحلات إجلاء محدودة للمواطنين الأجانب من عدة دول، أبرزها جمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية، بالإضافة إلى بعض رحلات المساعدات الإنسانية الطارئة.
في التاسع والعشرين من أبريل 2015، تعرض مطار صنعاء لعملية قصف جوي مكثف أسفر عن أضرار بالغة في البنية التحتية، مستهدفاً بشكل رئيسي المدرج الجوي ومباني صالات الركاب ومرافق الخدمات الأرضية. أدت هذه الضربات إلى شلّ القدرة التشغيلية للمطار بشكل كامل وجعلته غير صالح لاستقبال الطائرات التجارية لعدة سنوات متتالية. قدرت تقارير الأمم المتحدة حجم الأضرار بالملايين من الدولارات، مع تضرر أنظمة الأمن والسلامة وأنظمة الاتصالات والملاحة الجوية بشكل خاص.
على الرغم من حجم الدمار الذي لحق بالمرافق، استطاعت إدارة الخطوط الجوية اليمنية تنظيم بعض الرحلات الجوية المحدودة في يونيو من العام نفسه، وذلك بعد إجراء إصلاحات طارئة للمدرج الرئيسي. تم إعادة فتح المطار بشكل تدريجي أمام طائرات الإغاثة التابعة للمنظمات الدولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، منظمة أطباء بلا حدود، وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، مما سمح بدخول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
شهد التاسع من أغسطس 2016 إغلاقاً متجدداَ لمطار صنعاء الدولي بسبب التصعيدات العسكرية المتزايدة التي أدت إلى تجميد المجال الجوي اليمني بالكامل. تكررت عمليات الإغلاق في فترات لاحقة، لاسيما في نوفمبر 2017، عندما قام التحالف برد فعل على إطلاق صاروخ باليستي باتجاه الأراضي السعودية، مما تسبب في دمار إضافي لمرافق المطار ومراكز التحكم الجوي.
مع نهاية نوفمبر 2017، تم استئناف عمليات محدودة لرحلات المساعدة الإنسانية، وشهد المطار عودة تدريجية للطائرات الإغاثية تحت إشراف الأمم المتحدة. وفي فبراير 2020، تم تنظيم "رحلة رحمة" خاصة إلى المملكة الأردنية الهاشمية لنقل مجموعة من المرضى اليمنيين الذين يحتاجون إلى علاج طبي عاجل في المستشفيات المتخصصة.
استمرت أعمال إعادة التأهيل والترميم حتى أوائل عام 2025، حيث شملت تحديثاً شاملاً للبنية التحتية والمرافق الملاحية وأنظمة الأمن والسلامة. بدأت بعض الرحلات التجارية والإنسانية تعود بشكل محدود وحذر، رغم استمرار التحديات الأمنية والسياسية والمعوقات التشغيلية التي تواجه إدارة المطار.
المرافق والخدمات المتطورة في مطار صنعاء الدولي
يتضمن مطار صنعاء الدولي تصميماً معمارياً متطوراً يضم صالتين منفصلتين مخصصتين لعمليات الوصول والمغادرة، مجهزتين بأحدث تقنيات الفحص الأمني المتطورة التي تواكب المعايير الدولية المتبعة في مطارات العالم. يضم المجمع الجوي مكاتب إدارية لشركات الطيران العالمية والمحلية، بالإضافة إلى صالة السعيدة المتخصصة في إجراءات التخليص الجمركي وعمليات الشحن البريدي والبضائع. تشمل المرافق التشغيلية مدرجاً رئيسياً بطول يتجاوز 3 كيلومترات، وموقفاً واسعاً للطائرات يتسع لأكثر من 12 طائرة من مختلف الأحجام، بالإضافة إلى المرافق الخدمية المرتبطة بالقاعدة الجوية العسكرية المجاورة.
خضعت الأجهزة الأمنية المتطورة، بما فيها أنظمة الكشف عن المتفجرات والأسلحة وأجهزة النقل الآلي للحقائب، لعمليات تحديث مستمرة لضمان أعلى معايير الأمن والسلامة. تم تنفيذ مشاريع توسعة شاملة لصالات الركاب ضمن خطة التطوير الاستراتيجية، مما ساهم بشكل كبير في تقليل حالات الازدحام وتحسين تدفق حركة المسافرين، وتوسيع المساحات المخصصة لشركات الطيران والخدمات الأرضية ووكالات السفر والسياحة.
مشروع مطار صنعاء الدولي الجديد: رؤية مستقبلية طموحة
يجري حالياً تنفيذ مشروع طموح لبناء مطار صنعاء الدولي الجديد في المنطقة الغربية من الموقع الحالي، وذلك لمواكبة التوسع المستقبلي المتوقع في حركة السفر والشحن الجوي والاستجابة للاحتياجات التنموية للعاصمة صنعاء. يتم تنفيذ هذا المشروع العملاق على ثلاث مراحل متتالية ومتكاملة:
- المرحلة التأسيسية الأولى: تشمل تعزيز وتطوير المدرج الحالي وموقف الطائرات، إلى جانب تحسين وتوسعة الممرات الأرضية ومرافق الخدمات الأساسية، مع تركيب أنظمة إضاءة متطورة وأنظمة ملاحة جوية حديثة.
- المرحلة الإنشائية الثانية: تتضمن إنشاء مبنى ركاب جديد من ثلاث طوابق متكاملة، مزود بأحدث التقنيات الذكية، ويشمل صالات مغادرة ووصول فسيحة، جسور صعود متحركة للطائرات، صالة خاصة بكبار الزوار، فندقاً دولياً متكاملاً، ومنطقة مواقف سيارات متعددة الطوابق تتسع لأكثر من 1200 سيارة.
- المرحلة التكميلية الثالثة: تركز على بناء مدرج جديد متوازي وممرات ربط متطورة، برج مراقبة جوية حديث مجهز بأحدث أنظمة المراقبة الرادارية، منشآت متكاملة لصيانة وتزويد وقود الطائرات، ومركز متطور للشحن الجوي يخدم حركة التجارة الدولية.
شركات الطيران العاملة في مطار صنعاء الدولي ووجهاتها التشغيلية
في الوضع الراهن، لا توجد أي شركات طيران تجارية تعمل بشكل منتظم من المطار بسبب الظروف الأمنية والسياسية الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وقبل تدمير مرافق المطار بشكل كبير، كانت الخطوط الجوية اليمنية تنظم رحلات جوية مجدولة منتظمة من وإلى المطار إلى عدد من الوجهات الدولية والإقليمية والمحلية، بما في ذلك مطار عدن ومطار الحديدة ومطار تعز ومطار سيئون ومطار المكلا الريان. كما كانت شركات طيران أخرى مثل طيران الملكة بلقيس تخطط لتشغيل رحلات منتظمة من المطار قبل تدهور الأوضاع الأمنية.

نظام تتبع الرحلات الجوية في مطار صنعاء الدولي
حالياً، لا يوجد نظام تشغيلي لتتبع الرحلات الجوية التجارية من أو إلى مطار صنعاء الدولي بسبب تعليق كافة الرحلات الجوية المنتظمة. كان النظام القديم يتضمن شبكة متطورة من أجهزة الرادار وأنظمة المراقبة الجوية التي كانت تتيح تتبع حركة الطائرات بشكل فوري ودقيق، لكن هذه الأنظمة تعطلت بشكل كبير نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية التقنية خلال فترات القصف والاشتباكات.
الجداول الزمنية لرحلات الوصول والمغادرة
لا توجد حالياً أي جداول زمنية نشطة لرحلات الوصول أو المغادرة في المطار، حيث توقفت كافة العمليات التجارية المنتظمة. كانت الجداول الزمنية السابقة تشمل رحلات يومية منتظمة إلى مطار عدن ومطار الحديدة ومطار تعز، بالإضافة إلى رحلات دولية أسبوعية إلى وجهات إقليمية وعالمية متعددة.

الوضع الحالي وآفاق المستقبل لتشغيل مطار صنعاء الدولي
يمر مطار صنعاء الدولي حالياً بمرحلة انتقالية حرجة، حيث تجري مفاوضات دولية مكثفة تحت إشراف الأمم المتحدة لإعادة افتتاح المطار أمام الرحلات التجارية والإنسانية. تشمل الخطط المستقبلية إعادة تأهيل شاملة للمرافق المتضررة، وتحديث أنظمة الأمن والسلامة، واستئناف العمليات التشغيلية بشكل تدريجي. من المتوقع أن يشهد المطار مع عودة الاستقرار إعادة تشغيل رحلات منتظمة إلى مطار عدن ومطار الحديدة ومطار تعز ومطار سيئون، كما قد تشهد العودة التشغيلية لشركات طيران جديدة مثل طيران الملكة بلقيس التي كانت تخطط للبدء بعملياتها من المطار.
ليست هناك تعليقات: