يُمثل مطار تعز الدولي (Taiz International Airport) شرياناً حيوياً للنقل الجوي في الجمهورية اليمنية، حيث يحتل موقعاً استراتيجياً متميزاً على بعد 18 كيلومتراً من مركز مدينة تعز التاريخية، في المنطقة الجنوبية الغربية من اليمن والجزء الشمالي الشرقي لمحافظة تعز. يشكل هذا المنشأة الجوية محوراً أساسياً يربط المحافظة بالعالم الخارجي، حيث يقدم خدمات شاملة للنقل الجوي تشمل رحلات تجارية منتظمة، وخدمات شحن جوي متطورة، وبرامج سياحية متخصصة، ورحلات حج وعمرة ميسرة. يحمل المطار الرمز الدولي (TAI) وفق تصنيف الإياتا والرمز (OYTZ) في نظام الإيكاو، مما يمكنه من الاندماج بكفاءة في الشبكة الجوية العالمية. يخدم المطار منطقة حيوية تضم أكثر من 4 ملايين نسمة من سكان محافظة تعز والمحافظات المجاورة الأربع، مع تسجيل حركة مسافرين بلغت 450,000 مسافر سنوياً قبل عام 2015.

إرث تاريخي عريق: رحلة تطور مطار تعز الدولي
يشكل مطار تعز الدولي إرثاً تاريخياً حياً في قطاع الطيران اليمني، حيث يمثل أول منشأة جوية تم إنشاؤها في البلاد ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1950 في موقع مختلف عن موقعه الحالي. شهد عام 1967 بدء المرحلة التأسيسية الحقيقية عندما انتقلت عمليات البناء إلى منطقة الجند الاستراتيجية، ليفتتح رسمياً في عام 1970 بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل. صُمم المطار بمدرجين متقاطعين (شرقي وغربي) يمكنانه من استقبال جميع أنواع الطائرات التجارية التي كانت تعمل في تلك الفترة، مع مرافق متكاملة شملت مدرج إسفلتي بطول 1800 متر وعرض 45 متر، ومنصة طائرات بمساحة 6750 متر مربع، ومبنى ركاب بمساحة 1020 متر مربع، ومنشآت دعم تشمل مبنى الإطفاء والكهرباء والإدارة. شهد عام 1985 نقلة نوعية في تاريخ المطار مع تنفيذ مشروع تطوير ضخم بالتعاون بين الهيئة العامة للطيران المدني اليمني وشركة مطارات شارل ديجول الفرنسية الخبيرة، وبإشراف منظمة الإيكاو الدولية. ركز المشروع على تحديث البنية التحتية بشكل جذري لمواكبة الطفرات المتوقعة في حركة النقل الجوي، مع زيادة القدرة الاستيعابية للركاب وتجهيز المطار لاستقبال طائرات الشحن والطائرات التجارية متوسطة الحجم.
احتَل مطار تعز مرتبة متقدمة في تصنيف المطارات اليمنية، حيث حل في المركز الثاني بعد مطار صنعاء الدولي من حيث حجم الحركة الجوية قبل تحقيق الوحدة اليمنية، بينما انتقل إلى المركز الرابع بعد الوحدة متأخراً عن مطار صنعاء ومطار عدن ومطار المكلا الريان. يصنف المطار ضمن المستوى السابع وفق معايير منظمة الإيكاو الدولية، مع استمرار جهود التطوير والتحسين التي تشرف عليها الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد لمواءمة المرافق والمعدات مع المواصفات الدولية للسلامة الجوية. يخدم المطار شبكة حيوية تشمل قرى ومدن محافظة تعز وأربع محافظات مجاورة يقطنها أكثر من 6 ملايين نسمة، مع تسجيل نمو مضطرد في حركة الطائرات والركاب والبضائع والبريد عبر المطار بنسبة نمو سنوية بلغت 8% قبل عام 2014.
طفرات تطويرية متلاحقة في مطار تعز: نحو مواصفات عالمية
شهد مطار تعز الدولي سلسلة من المشاريع التطويرية الطموحة التي نفذتها الهيئة العامة للطيران المدني وإدارة المطار خلال العقدين الماضيين، بهدف تحويله إلى منشأة جوية متكاملة تلبي أعلى المعايير الدولية. تضمنت المرحلة الأولى أعمال صيانة شاملة لمدرج الهبوط والإقلاع مع تركيب نظام إضاءة متطور، وإعادة هيكلة توزيع الصالات الداخلية لتحسين تدفق حركة الركاب وإنشاء صالة مغادرة محلية مستقلة عن صالة المغادرة الدولية. شملت المرحلة الثانية توسعة وتحديث صالة الوصول الدولية وصالة إجراءات السفر بمساحة إجمالية بلغت 3500 متر مربع، مع استحداث صالة VIP فاخرة لكبار الضيوف والمسؤولين مجهزة بأحدث وسائل الراحة والاتصالات. امتدت أعمال التطوير لتشمل تحديث المكاتب الإدارية والساحات الخارجية المطلة على منصة الطائرات ومواقف السيارات، مع إنشاء حدائق تنسيقية محيطة بالمطار وإنشاء مظلة شبكية متطورة لمخرج المسافرين ومخرج صالة رئاسة الجمهورية.
تم تركيب أنظمة ملاحية جوية متطورة من نوع DVOR/DME في مواقع استراتيجية جديدة بمطار تعز، تعمل على خدمة المدرجين الحالي والمستقبلي للمطار بكفاءة عالية. شملت عملية التحديث إدخال أكثر من 150 جهازاً ومعدة حديثة في مختلف مرافق المطار، بما في ذلك عربات خدمات الطائرات، وأنظمة فحص الأمتعة بالأشعة السينية ثلاثية الأبعاد، وأنظمة تكييف مركزي، وأنظمة اتصالات لاسلكية متطورة. مكنت هذه التطويرات المطار من تحقيق مواصفات الجودة العالمية، حيث أصبح قادراً على استقبال وإقلاع جميع أنواع الطائرات التجارية بما فيها الطائرات ذات الجسم العريض مثل Airbus A320 وBoeing 737، مع معدلات تشغيل تصل إلى 20 رحلة يومياً في أوقات الذروة. يعتمد المطار على كوادر فنية مؤهلة تلقت تدريبات متخصصة في مراكز تدريب محلية ودولية، مع برامج صيانة وقائية تصل تكلفتها السنوية إلى 2.5 مليون دولار لضمان استمرارية التشغيل الآمن والفعال.
تعمل من المطار عدة شركات طيران يمنية ودولية منها طيران اليمنية وطيران اليمدا وطيران السعيدة، مع خطط مستقبلية لاستضافة طيران الملكة بلقيس عند بدء عملياتها. يربط مطار تعز بعدة مطارات محلية منها مطار سيئون ومطار الحديدة، مما يجعله محوراً أساسياً في شبكة النقل الجوي اليمني.
ليست هناك تعليقات: