الخميس، 29 سبتمبر 2016

مطار بنينا الدولي - مطار بنغازي

يُعد مطار بنينا الدولي  Benina International Airport منشأة جوية استراتيجية تقع في المنطقة الشرقية من ليبيا، وتحديداً على بعد 19 كيلومتراً شرق مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية من حيث الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي. يحتل المطار المرتبة الثانية بين مطارات ليبيا من حيث حجم الحركة الجوية بعد مطار طرابلس العالمي، ويمثل محوراً حيوياً للنقل الجوي في منطقة برقة. يحمل المطار الرمزين الدوليين BEN وفق نظام الإياتا وHLLB في تصنيف الإيكاو، وتشرف على إدارته الهيئة الليبية للطيران المدني.

تاريخ مطار بنينا الدولي

مطار بنينا الدولي Benina International Airport

يتميز مطار بنينا بكونه المركز التشغيلي الرئيسي لشركة طيران البراق، كما يستضيف أحد المقرات الرئيسية لشركة الخطوط الليبية. بالإضافة إلى ذلك، يشغل المطار أربع شركات طيران وطنية رائدة هي: الخطوط الليبية، طيران البراق، الخطوط الجوية الأفريقية، وليبيا للطيران. كما تستخدمه شركات طيران وطنية أخرى مثل سما المتوسط والنيزك للطيران في رحلاتها الداخلية والدولية.

تطور مطار بنينا التاريخي والتحولات الاستراتيجية

تعود جذور مطار بنينا إلى عام 1917 عندما أنشئ كقاعدة جوية تابعة للقوات الجوية الإيطالية خلال فترة الاستعمار الإيطالي لليبيا. في بدايته، كان المطار يتكون من مدرج بسيط لهبوط وإقلاع الطائرات فقط. خلال الحرب العالمية الثانية، تحول المطار إلى ساحة معارك استراتيجية حيث استخدمته قوات ستورمو 15 ° الإيطالية، ثم انتقل إلى سيطرة سلاح الجو التاسع للجيش الأمريكي خلال حملة الصحراء الشرقية.

شهد مطار بنينا أحداثاً تاريخية مهمة عندما استخدمته مجموعة القصف 376 الأمريكية التي قامت بطيران قاذفاتها الثقيلة من طراز B-24 Liberator من فبراير إلى أبريل 1943. من هذا المطار انطلقت العملية العسكرية الأمريكية المسماة "عملية المد والجزر" في أغسطس 1943، والتي شنت هجوماً جويضاً ضخماً على مصافي تكرير النفط في بلوستي رومانيا، بمشاركة 178 قاذفة قنابل من طراز B-24.

بعد انتهاء العمليات القتالية، تحول المطار إلى مركز لوجستي رئيسي تابع لقيادة النقل الجوي، وأصبح محطة توقف حيوية للقوات والتموين على طريق النقل شمال إفريقيا الذي يربط القاهرة بدكار. وقد ساهم هذا التحول في تعزيز أهمية المطار الاستراتيجية في شبكة النقل الجوي الإقليمي.

تحديث مطار بنينا والتطوير في العصر الحديث

شهد مطلع سبعينيات القرن الماضي نقلة نوعية في تطور مطار بنينا، حيث أعيد بناء المدرج الرئيسي وتحديث كافة المرافق والمنشآت ليصبح ثاني أكبر مطار في ليبيا من حيث الطاقة الاستيعابية والمرافق المتطورة. قبل ثورة 17 فبراير 2011، كان المطار يستقبل ما يصل إلى 30 رحلة يومية تربط بنغازي بمدن ليبية رئيسية مثل مطار سبها، مطار مصراتة، مطار طبرق، والكفرة للطيران، بالإضافة إلى رحلات دولية منتظمة من مختلف أنحاء العالم.

تعرض المطار لاضطرابات كبيرة خلال الفترة ما بعد 2011، حيث انخفضت حركة الطائرات إلى 30% من مستواها السابق، ثم أُغلق تماماً في يوليو 2014 بسبب القتال والقصف في المنطقة المحيطة. عانى المطار من أضرار جسيمة نتيجة القصف والدمار خلال الحرب الأهلية الليبية، مما أدى إلى إغلاقه لأكثر من ثلاث سنوات متواصلة.

مرافق مطار بنينا والتجهيزات التقنية

يتميز مطار بنينا الدولي ببنية تحتية متطورة تشمل مهبطين للطائرات بمواصفات عالمية، يبلغ طول كل منهما 4 كيلومترات وعرض 45 متراً، مما يمكنه من استقبال جميع أنواع الطائرات بما فيها الطائرات الضخمة والعابرة للقارات. وقد استقبل المطار بالفعل طائرات شحن عملاقة مثل الطائرة الأمريكية من طراز C-17 Galaxy التي نقلت مساعدات إنسانية إلى المنطقة.

تشمل مرافق المطار برج مراقبة جوي متطور، صالات متكاملة للوصول والمغادرة، صالتين مخصصتين لكبار الزوار، مبنى صيانة تابع للشركة الليبية للمناولة، وغرفة عمليات تابعة للخطوط الليبية. كما يضم المطار المقر الرئيسي لشركة طيران البراق، ومقر شركة البريقة لتسويق النفط المسؤولة عن تزويد الطائرات بالوقود، بالإضافة إلى منشآت خدمية وإدارية متكاملة.

خطط التطوير المستقبلية

تتضمن خطة التطوير الشاملة لمطار بنينا بناء مبنى جديد للركاب بطاقة استيعابية تصل إلى 5 ملايين مسافر سنوياً، وتصميم 10 مواقف فرعية للطائرات و20 بوابة لإيصال المسافرين مباشرة إلى الطائرات عبر جسور متحركة. كما تشمل الخطة إنشاء محطة متطورة للشحن الجوي بسعة 150 ألف طن سنوياً، وتطوير أنظمة الأمن والسلامة وفق المعايير الدولية.

يمثل المطار المنفذ الجوي الرئيسي لمدينة بنغازي والمنطقة الشرقية من ليبيا، وقد أثر إغلاقه سلباً على الحركة الجوية والنشاط الاقتصادي والتجاري في المنطقة. وتعمل السلطات المعنية على تعزيز التعاون مع المطارات الإقليمية مثل مطار سرت ومطار الأبرق ومطار معيتيقة لتحسين التكامل في شبكة النقل الجوي الليبي.

إعادة تشغيل مطار بنينا والتحديات الراهنة

شهد يوليو 2017 إعلاناً رسمياً بإعادة تشغيل مطار بنينا بعد عملية إصلاح شاملة للأضرار التي لحقت به خلال فترة الإغلاق. خلال الفترة السابقة، تم نقل الرحلات الجوية إلى مطار الأبرق الدولي مؤقتاً لإجراء عمليات الترميم والصيانة الضرورية.

رغم إعادة الافتتاح، لا تزال ظروف التشغيل تواجه تحديات due إلى عدم الاستقرار الأمني في المنطقة. تعمل شركات الطيران الوطنية مثل واحد تسعة، أويا للطيران، تاج للطيران، غدامس للطيران، والأجنحة الليبية على تعزيز وجودها في المطار لاستعادة حركة الملاحة الجوية إلى مستوياتها الطبيعية قبل الأزمة.

يظل مطار بنينا الدولي رمزاً للصمود والتحدي في وجه الظروف الصعبة، وشاهداً على التحولات التاريخية التي شهدتها ليبيا خلال القرن الماضي، وأحد الركائز الأساسية لإعادة الإعمار والتنمية في المرحلة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك