يُعد مطار طرابلس الدولي Tripoli International Airport المنشأة الجوية الرئيسية في الجمهورية الليبية، حيث يقع على بعد 25 كيلومتراً جنوب العاصمة طرابلس في منطقة قصر بن غشير التابعة لبلدية طرابلس. يحتل المطار موقعاً استراتيجياً كمحور رئيسي للنقل الجوي في ليبيا، ويشرف على إدارته وتشغيله مصلحة الطيران المدني الليبية. يحمل المطار الرمز الدولي TIP وفق نظام الإياتا وHLLT في تصنيف الإيكاو، مما يجعله أحد أبرز المطارات المعترف بها دولياً في شمال أفريقيا.
يتميز مطار طرابلس بكونه المركز التشغيلي الرئيسي لشركة الخطوط الليبية الناقل الوطني، بالإضافة إلى استضافته للمقر الرئيسي لشركة الخطوط الجوية الأفريقية وشركة طيران البراق. كما يستضيف المطار عمليات شركات طيران وطنية أخرى مثل سما المتوسط والنيزك للطيران وواحد تسعة، مما يجعله محوراً حيوياً لشبكة الطيران الداخلي والدولي في ليبيا.
مطار طرابلس الدولي: نبذة تاريخية
تطور مطار طرابلس التاريخي والتحولات الاستراتيجية
تعود جذور تأسيس مطار طرابلس إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، عندما أنشأه سلاح الجو الملكي البريطاني كقاعدة جوية استراتيجية في شمال أفريقيا. شهد عام 1952 تحولاً مهماً في تاريخ المطار عندما تم تسميته رسمياً بمطار طرابلس العالمي، ثم عُرف لاحقاً باسم مطار إدريس حتى عام 1969. خلال هذه الفترة، تطور المطار ليكون بوابة ليبيا الرئيسية نحو العالم، مستفيداً من موقعه الجغرافي المتميز على سواحل البحر المتوسط.
شهد عام 2014 نقطة تحول حرجة في مسيرة المطار، حيث توقف العمل به تماماً due إلى الأضرار الجسيمة التي تعرض لها نتيجة القصف والمواجهات المسلحة في العاصمة طرابلس. وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، تعرضت 85% من مرافق المطار لأضرار بالغة، شملت تدمير كامل لمدرج الهبوط وتضرر 23 طائرة كانت متوقفة على الأرض. خلال هذه الفترة، تم نقل كافة الرحلات الجوية إلى مطار معيتيقة الدولي الذي أصبح المطار البديل للعاصمة الليبية.
مرافق مطار طرابلس والتجهيزات المتطورة
تمتد المنشآت الحالية لمطار طرابلس على مساحة إجمالية تبلغ 1165 هكتاراً، مع خطط طموحة لزيادة الطاقة الاستيعابية لتصل إلى 5 ملايين مسافر سنوياً. تشمل المرافق الرئيسية مبنى الركاب المكون من 5 طوابق بمساحة إجمالية تصل إلى 33 ألف متر مربع، مجهز بأحدث الأنظمة التقنية والخدمية لتلبية متطلبات الرحلات الدولية والداخلية. صمم المبنى لاستيعاب 3 ملايين مسافر سنوياً، مع إمكانيات التوسع المستقبلية لمواكبة النمو المتوقع في حركة المسافرين.
يتميز مطار طرابلس بامتلاكه لمدرجين متطورين، حيث يبلغ طول المدرج الرئيسي (9/27) 3600 متراً بعرض 148 قدماً، ومجهز بنظام إضاءة متكامل يشمل أضواء الاقتراب، أضواء التحديد عالية الشدة، أضواء خط المنتصف، وأضواء منطقة ملامسة المدرج. بينما يبلغ طول المدرج الثانوي (18/36) 2235 متراً، مما يمكن المطار من استقبال مختلف أنواع الطائرات including الطائرات wide-body العابرة للقارات.
تشمل المرافق الأخرى مواقف طائرات تستوعب 100 طائرة بمختلف أحجامها، محطة متطورة للشحن الجوي، مركز صيانة متكامل للطائرات، ومواقف سيارات تبلغ مساحتها 110 آلاف متر مربع تستوعب 4400 سيارة. بالإضافة إلى ذلك، يضم المطار مبنى جديداً للركاب، مركزاً متطوراً لصيانة الطائرات، قاعة مخصصة لكبار الزوار، وبرجي مراقبة جوي مزودين بأحدث أنظمة الملاحة والاتصالات.
مشروع مطار طرابلس الدولي الجديد
يشكل مشروع مطار طرابلس الدولي الجديد أحد أضخم المشاريع التنموية في ليبيا، حيث ينفذ في موقع المطار السابق بطاقة استيعابية مستهدفة تبلغ 5 ملايين مسافر سنوياً. يشرف على هذا المشروع الطموح الصندوق الليبي للاستثمار الداخلي والتطوير، كجزء من برنامج استثماري شامل يهدف إلى إعادة إعمار البنية التحتية للطيران في ليبيا. صمم المشروع لتحويل المطار إلى منشأة جوية عالمية المستوى تجذب شركات طيران دولية جديدة وتحفز الاستثمارات التجارية والاقتصادية في المناطق المحيطة.
تشير المخططات التنفيذية إلى أن مدة تنفيذ المشروع ستصل إلى 15 شهراً، مع تخصيص استثمارات تصل إلى 500 مليون دولار. تشمل المنشآت الجديدة صالة ركاب متطورة بطاقة استيعابية تصل إلى 5 ملايين مسافر سنوياً، مهبط طائرات يتسع لـ12 طائرة في الوقت الواحد، برج مراقبة جوي متطور، ومواقف سيارات متعددة الطوابق مكونة من 3 مستويات. صممت كافة المرافق وفق أحدث المعايير الدولية التي تضعها منظمات الطيران العالمية.
أثر مشروع مطار طرابلس التنموي والاقتصادي
يهدف مشروع مطار طرابلس إلى إحداث نقلة نوعية في مختلف مناحي الحياة بليبيا، حيث من المتوقع أن يساهم في تخفيف معاناة المسافرين وتسهيل حركة التنقل داخل وخارج البلاد. تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن المشروع سيساهم في خلق 5000 فرصة عمل مباشرة و15,000 فرصة عمل غير مباشرة، مع مساهمة متوقعة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 2.5 مليار دولار سنوياً.
سيؤدي المشروع إلى زيادة القدرة الاستيعابية السنوية للمطار بنسبة 400%، وتحسين الحركة الجوية من خلال استيعاب 50 رحلة يومياً إضافية. كما سيساهم في تعزيز التكامل مع المطارات الليبية الأخرى مثل مطار بنينا ومطار سبها ومطار طبرق ومطار سرت ومطار مصراتة ومطار الأبرق.
سيعمل المشروع على تعزيز حضور شركات الطيران الليبية الناشئة مثل أويا للطيران وتاج للطيران وغدامس للطيران والأجنحة الليبية والكفرة للطيران وليبيا للطيران في السوق الدولية، مما سيسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وفتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة في قطاع الطيران الليبي.
ليست هناك تعليقات: