اختيار المقعد على متن الطائرة ليس قرارًا عابرًا كما قد يبدو، بل هو مسألة شخصية للغاية تعكس في كثير من الأحيان طبيعة الفرد وتوقعاته من الرحلة. سواء كنت من عشاق الجلوس بجوار النافذة لمشاهدة المناظر المبهرة، أو من محبي الممر لتأمين حرية الحركة، فإن قرارك قد يقول الكثير عن شخصيتك، بل وربما يحدد مدى راحتك أثناء الرحلة الطويلة.
إذا سألت أي مسافر في المطار عن المقعد الذي يفضله، فالجواب عادة سيكون حاسمًا وفوريًا، تمامًا كما أن إقناع شخص يجلس بجوار النافذة بالتبديل بمقعد آخر قد يكون مهمة شبه مستحيلة. وهنا تبدأ المقارنة بين المزايا والسلبيات لكل خيار.
 
إيجابيات وسلبيات المقاعد
لدى كل مقعد في الطائرة خصائصه التي تجذب نوعًا معينًا من الركاب:
- مقعد النافذة: ترقية مقعد النافذة يوفر مشاهد بانورامية مذهلة للأرض والغيوم، ويمنح إحساسًا بالخصوصية، لكنه يقيد الحركة ويجعل الوصول إلى الممر أو الحمام أكثر صعوبة.
- مقعد الممر: يمنح حرية أكبر في الحركة وإمكانية فرد الساقين قليلًا في الممر، لكن صاحبه يضطر لتحمل مرور الآخرين بجانبه وربما يتعرض للركل من عربات تقديم الطعام.
- المقعد الأوسط: غالبًا ما يكون الأقل تفضيلًا، لأنه يجمع بين سلبيات الاثنين معًا دون أن يمنح امتيازًا واضحًا.
البعد النفسي: ماذا يكشف اختيارك؟
بحسب خبراء علم النفس، اختيار المقعد ليس مجرد تفضيل عملي، بل يمكن أن يكون انعكاسًا لشخصية الفرد. الدكتور بيكي سبلمان، أخصائي الطب النفسي في عيادات هارلي ستريت، يؤكد أن الركاب الذين يميلون إلى اختيار مقعد النافذة غالبًا ما يكونون أكثر انطوائية، يميلون إلى العزلة، ويحبون العيش داخل "فقاعة خاصة". وفي بعض الحالات قد يُنظر إليهم على أنهم أكثر أنانية لأنهم يفضلون راحتهم الخاصة على التفاعل مع الآخرين.
أما ركاب مقعد الممر، فيميلون إلى أن يكونوا أكثر اجتماعية وأكثر استعدادًا لمراعاة راحة جيرانهم، إلى جانب امتلاكهم شخصية أقل انفعالًا. لكن هناك أيضًا أسباب عملية: قد يكون البعض أكثر عرضة للحاجة إلى الحمام أو يجدون صعوبة في النوم بوضعية ثابتة، وبالتالي يفضلون الممر لتقليل الإزعاج.
خلافات المقاعد على الطائرة
يقول الدكتور سبلمان إن المقاعد تكون سببًا متكررًا للنزاعات بين الركاب. كثير من التأخيرات أثناء تسجيل الدخول تنشأ عن مفاوضات طويلة بين أشخاص يرفضون التخلي عن مقاعد النافذة أو الممر. بل إن بعض المشاجرات على متن الرحلات تبدأ ببساطة من خلاف حول ترتيب الجلوس.
الإحصاءات: أيهما أكثر شعبية؟
تشير الإحصاءات إلى أن المنافسة بين مقعد النافذة والممر شديدة التقارب. وفقًا لتحليل أجراه سيث كابلان لمجلة "أفييشن ويكلي"، فإن الفارق في التفضيل بين المقعدين لا يتجاوز نقطة مئوية واحدة فقط لصالح مقعد النافذة.
وفي دراسة لشركة إكسبيديا عام 2014، اختار 55% من الركاب مقعد النافذة مقابل 45% لمقعد الممر. وفي عام 2016، أظهرت بيانات جديدة أن 34% من المسافرين كانوا مستعدين لدفع مبلغ إضافي لحجز مقعد النافذة، بينما لم تتجاوز النسبة 15% بالنسبة لمقعد الممر.
تقرير لموقع Quartz أكد نتائج مماثلة: أكثر قليلًا من نصف الركاب يفضلون النافذة، لكن المثير للاهتمام أن الرجال كانوا أكثر ميلًا لاختيار الممر من النساء، مما يعكس اختلافًا ثقافيًا أو شخصيًا في التفضيلات.
خلاصة
سواء كنت من أنصار النافذة الباحثين عن الهدوء والمناظر الخلابة، أو من عشاق الممر الذين يفضلون حرية الحركة والمرونة، فإن مقعدك المفضل قد يكشف الكثير عن شخصيتك. لكن في النهاية، تظل تجربة السفر الجوي مزيجًا من الراحة الشخصية والتعايش مع الآخرين، ولعل أفضل مقعد هو الذي يجعل رحلتك أكثر سلاسة وأقل توترًا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 