مطار سطيف الدولي (Sétif International Airport)، المعروف أيضًا باسم مطار عين أرنات (Ain Arnat Airport) أو مطار 08 ماي 1945، يعد أحد أبرز المطارات في شمال شرق الجزائر. يقع المطار على بعد حوالي 17 كيلومترًا غرب مدينة سطيف، وتحديدًا في بلدية عين أرنات التابعة لولاية سطيف، ويخدم المنطقة التي تُعتبر من أهم المراكز الاقتصادية والثقافية في البلاد. يدار المطار من قبل سلطة الطيران المدني الجزائرية عبر مؤسسة تسيير مصالح مطارات قسنطينة، ويحمل رمز إياتا: QSF ورمز إيكاو: DAAS.
الأهمية التاريخية لمطار سطيف – عين أرنات
يرتبط اسم مطار سطيف الدولي بتاريخ مؤلم ولكنه محوري في الذاكرة الوطنية الجزائرية، حيث سُمّي بـ مطار 08 ماي 1945 تخليدًا لذكرى مجازر سطيف وقالمة وخراطة التي راح ضحيتها حوالي 45 ألف جزائري أثناء قمع الاحتلال الفرنسي لمظاهرات سلمية تزامنت مع الاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية. هذا الربط بين المطار وحدث تاريخي بارز يجعله ليس مجرد منشأة للنقل الجوي، بل رمزًا وطنيًا يعكس تضحيات الشعب الجزائري.
سطيف: مدينة تجمع بين التاريخ والسياحة والاقتصاد
يستمد مطار سطيف الدولي أهميته من مدينة سطيف، وهي واحدة من أكثر المدن الجزائرية حيوية. فهي تجمع بين الإرث التاريخي، مثل الآثار الفاطمية ومنطقة جميلة الأثرية التي تضم بقايا رومانية مدهشة، وبين الوجهات الطبيعية مثل الحمامات المعدنية (حمام قرقور، حمام أولاد يلس، حمام السخنة، وحمام الصالحين). كما تعد سطيف مركزًا ثقافيًا يستضيف فعاليات فنية وفكرية ودينية، بالإضافة إلى دورها كمحور اقتصادي صناعي وزراعي وتجاري، وكل ذلك يجعل المطار بوابة مهمة نحو المنطقة.
منشأ مطار سطيف الدولي وتطوره
تشير الوثائق إلى أن مطار سطيف الدولي بُني خلال فترة الأربعينيات، ورجحت العديد من المصادر أنه أنشئ سنة 1945م. وبعد الاستقلال، استخدم المطار لفترة طويلة لأغراض عسكرية بحتة قبل أن يبدأ في استيعاب الحركة المدنية تدريجيًا. وفي عام 1993، شهد المطار بناء أول مبنى للركاب بمساحة 2900 متر مربع ومدرج بطول 1925 مترًا.
مع تزايد الحركة الجوية، جرت توسعات متتالية: ففي 2002، زاد طول المدرج إلى 2400 متر، ثم وصل إلى 3000 متر عام 2014، ليصبح قادرًا على استقبال طائرات من مختلف الطرز. أما مبنى الركاب، فقد تضاعفت مساحته بين عامي 2005 و2007 ليصل إلى 6590 متر مربع، مما رفع قدرته الاستيعابية إلى نحو 200 ألف مسافر سنويًا. وفي 2016، أغلق المطار مؤقتًا لمدة ستة أشهر لأعمال صيانة وتطوير شاملة.
البعد العسكري للمطار
لا يقتصر دور مطار سطيف على كونه بوابة مدنية للنقل الجوي، بل يحمل أيضًا أهمية استراتيجية عسكرية. فهو يضم الفوج التاسع للطائرات المروحية التدريبية التابع للقوات الجوية الجزائرية، إلى جانب مركز تدريب المشاة والفوج الرابع للمظليين الكوماندوز (RPC) التابع للقوات البرية. هذا الدمج بين المدني والعسكري يعكس أهمية الموقع الجغرافي والحيوي للمطار.
مرافق مطار سطيف الدولي
مطار سطيف الدولي مجهز بمرافق حديثة لتلبية احتياجات المسافرين وشركات الطيران، حيث يضم:
- مدرج رئيسي: بطول 3000 متر وعرض 45 متر، مؤهل لهبوط الطائرات الكبيرة والمتوسطة.
- برج مراقبة: مزود بأجهزة ملاحية ورادارية متطورة.
- صالات ركاب: مقسمة إلى صالة للرحلات الداخلية وأخرى للرحلات الدولية بمساحة إجمالية 6590 متر مربع.
- مبنى الشحن: مخصص لنقل البضائع والعمليات اللوجستية.
- خدمات مساندة: مثل الكافتيريات، المحلات التجارية، ومكاتب إدارية للشركات والسلطات.
تستمر خطط التطوير والتوسعة لمواكبة النمو المتزايد في الحركة الجوية، مع توقعات بتحويل المطار إلى محور إقليمي أكثر ديناميكية في السنوات المقبلة.
شركات الطيران العاملة بالمطار
يستقبل مطار سطيف الدولي مزيجًا من شركات الطيران المحلية والدولية، مما يجعله حلقة وصل بين الجزائر وأوروبا وآسيا وأمريكا. ومن أبرز الشركات العاملة:
- الخطوط الجوية الجزائرية: الناقل الوطني وتدير رحلات داخلية وخارجية.
- طيران الطاسيلي: يخدم بعض الوجهات الإقليمية.
- إيغل أزور: رحلات إلى باريس، مارسيليا، ليون، وتولوز.
- الخطوط الجوية الصينية: رحلات إلى بانكوك، تايوان، وهونج كونج.
- الخطوط الجوية الأمريكية: وجهات متعددة نحو مدن الولايات المتحدة.
- الخطوط الجوية الكندية: رحلات إلى كبرى المدن الكندية.
خاتمة
يُعتبر مطار سطيف – عين أرنات أكثر من مجرد مطار إقليمي، فهو يجمع بين البعد التاريخي والرمزية الوطنية، والدور الاقتصادي والسياحي الحيوي، والأهمية العسكرية الاستراتيجية. وبفضل مشاريعه التوسعية المستمرة، فإن المطار مرشح لأن يصبح أحد أبرز المطارات في الجزائر وشمال إفريقيا في المستقبل القريب.