الجمعة، 23 سبتمبر 2016

مطار طبرقة عين دراهم الدولي Tabarka–Aïn Draham International Airport

يُعد مطار طبرقة عين دراهم الدولي منشأة جوية استراتيجية تقع في الشمال الغربي للجمهورية التونسية، حيث يبعد حوالي 5 كيلومترات عن مركز مدينة طبرقة السياحية الشهيرة. يحتل المطار موقعاً جغرافياً فريداً بين البحر الأبيض المتوسط وغابات عين دراهم، مما يجعله بوابة رئيسية لمنطقة الشمال الغربي الغنية بالموارد الطبيعية والمناطق السياحية المتميزة. تبلغ الطاقة الاستيعابية للمطار 250 ألف مسافر سنوياً، ويشرف على إدارته وتشغيله ديوان المطارات والطيران المدني التونسي، وهو الهيئة الرسمية المسؤولة عن إدارة المطارات الحكومية في تونس.

يحمل مطار طبرقة عين دراهم الرمز الدولي TBJ وفق نظام الإياتا وDTKA في تصنيف الإيكاو، وتعمل من خلاله عدة شركات طيران وطنية ورائدة. تشمل هذه الشركات الخطوط التونسية الناقل الوطني، بالإضافة إلى نوفلير وقرطاج للطيران اللتين تساهمان في تعزيز شبكة الرحلات من وإلى المطار. يتميز المطار بكونه المنفذ الجوي الوحيد الذي يخدم جهة الشمال الغربي من تونس، مما يجعله محوراً حيوياً للتنمية الاقتصادية والسياحية في المنطقة.

مطار طبرقة عين دراهم الدولي Tabarka–Aïn Draham International Airport

تطور مطار طبرقة عين دراهم التاريخي والتحولات الإستراتيجية

شهد عام 1992 ميلاد هذا الصرح الجوي، حيث تم إنشاؤه تحت اسم "مطار 7 نوفمبر" تيمناً بالتاريخ الذي شهد تغييرات سياسية في تونس. بعد أحداث الثورة التونسية عام 2011، تم تغيير اسم المطار ليصبح "مطار طبرقة عين دراهم الدولي" تعبيراً عن الهوية الجغرافية والثقافية للمنطقة. شهد المطار تطوراً ملحوظاً في حركة المسافرين خلال السنوات الأولى من تشغيله، حيث استقبل 70,584 مسافراً خلال عام 2008 مع تسجيل 1,223 عملية هبوط وإقلاع للطائرات.

شهدت الفترة ما بين 2010 و2011 تحولات كبيرة في أداء المطار، حيث انخفض عدد المسافرين إلى 63 ألفاً في 2010، ثم شهد ارتفاعاً ملحوظاً بعد الثورة ليصل إلى 17,827 مسافراً خلال 2011 مع تنفيذ 165 رحلة جوية. في 15 نوفمبر 2013، أثارت شائعات حول إغلاق المطار احتجاجات واسعة من قبل موظفيه، مما أدى إلى تدخل السلطات لتوضيح الوضع والحفاظ على استمرارية التشغيل. حالياً، يقدم المطار خدمات منتظمة عبر الخطوط التونسية إلى مطار تونس قطاج الدولي، بالإضافة إلى رحلات الحج الموسمية إلى المدينة المنورة التي تشغلها الخطوط التونسية باستئجار طائرات متخصصة.

بنية مطار طبرقة عين دراهم التحتية والتجهيزات المتطورة

تمتد منشآت مطار طبرقة عين دراهم على مساحة شاسعة تبلغ 240 هكتاراً، مجهزة بأحدث الأنظمة التقنية التي تواكب المعايير الدولية لسلامة الطيران. يشمل التصميم الهندسي للمطار مدرجاً رئيسياً واحداً يتوافق مع مواصفات منظمة الطيران المدني الدولي، ومجموعة متكاملة من المرافق الخدمية التي تضمن تجربة سفر مريحة للمسافرين. يعمل في المطار 118 موظفاً متخصصاً يشرفون على مختلف جوانب التشغيل والإدارة تحت إشراف ديوان الطيران المدني.

تشمل المرافق الرئيسية محطة المسافرين الجوية التي تبلغ مساحتها 5,400 متر مربع، ومصممة لاستيعاب 250,000 مسافر سنوياً مع إمكانيات التوسع المستقبلية. تبلغ مساحة مناطق وقوف الطائرات 24,150 متر مربع، وتتضمن ثلاثة مراكز متخصصة لوقوف الطائرات مع قدرة استيعابية تصل إلى 3 طائرات في الوقت الواحد. يتميز المدرج الرئيسي (27/09) بمواصفات تقنية متطورة حيث يبلغ طوله 2,870 متراً وعرضه 45 متراً، مما يمكنه من استقبال مختلف أنواع الطائرات المتوسطة الحجم.

أهمية مطار طبرقة عين دراهم الإستراتيجية والاقتصادية

يتمتع مطار طبرقة عين دراهم بأهمية إستراتيجية كبرى كونه المنفذ الجوي الوحيد الذي يخدم المنطقة الشمالية الغربية من الجمهورية التونسية. تقع منطقة نفوذ المطار ضمن دائرة تضم مدينتي طبرقة وعين دراهم، اللتين تشكلان وجهتين سياحيتين رائدتين تتميزان بمقومات طبيعية فريدة تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم. تشمل هذه المقومات الشواطئ الذهبية، الغابات الكثيفة، المناخ المعتدل، والتراث الثقافي الغني.

تشير الدراسات الاقتصادية إلى أن المطار يساهم بشكل مباشر في تنشيط الحركة السياحية بالمنطقة، حيث يخدم ولاية جندوبة الغنية بالمواقع الأثرية والطبيعية التي تدعم سياحة الثقافة، السياحة الصحية، والسياحة البيئية. تصل نسبة المساهمة في الناتج المحلي للمنطقة إلى 15% وفقاً لإحصائيات وزارة السياحة التونسية، مع توقعات بنمو هذه النسبة إلى 25% خلال الخمس سنوات القادمة.

تحديات مطار طبرقة عين دراهم وخطط التطوير المستقبلية

واجه مطار طبرقة عين دراهم تحديات متعددة خلال السنوات الماضية، حيث شهد تراجعاً ملحوظاً في حركة المسافرين خاصة بعد أحداث الثورة التونسية. تعمل السلطات المعنية حالياً على تنفيذ خطة شاملة لإعادة تفعيل دور المطار وتعزيز موقعه في شبكة النقل الجوي الإقليمي. تشمل هذه الخطة تعزيز التعاون مع المطارات المجاورة مثل مطار المانستير الحبيب بورقيبة ومطار جربة جرجيس لتحسين التكامل في شبكة الرحلات الداخلية.

تشمل استراتيجية التطوير تفعيل نظام "الأجواء المفتوحة" لجذب شركات طيران أوروبية متخصصة في الرحلات الموسمية، وتطوير البنية التحتية لتشمل مدرجاً ثانياً، وتوسعة محطة المسافرين لاستيعاب 500 ألف مسافر سنوياً. كما تعمل إدارة المطار على تعزيز التعاون مع مطار تورز نفطة ومطار قفصة قصر ومطار قابس مطماطة لإنشاء شبكة متكاملة للطيران الداخلي.

حالياً، يستضيف المطار مدرسة متخصصة للطيران تعمل بشكل يومي، بالإضافة إلى استقبال الرحلات الخاصة والطائرات العسكرية بين الحين والآخر. تشير التوقعات إلى أن تنفيذ هذه الخطط سيساهم في زيادة عدد المسافرين إلى 100 ألف سنوياً خلال الثلاث سنوات القادمة، ويعزز من مساهمة المطار في التنمية الاقتصادية والإقليمية.

يظل مطار طبرقة عين دراهم الدولي شاهداً على التطور المستمر لقطاع الطيران في تونس، وأحد الركائز الأساسية لتعزيز التنمية السياحية والاقتصادية في المنطقة الشمالية الغربية، مع إمكانيات كبيرة للنمو والتطور في ظل الخطط الاستراتيجية الطموحة التي تتبناها الحكومة التونسية والجهات المعنية بالطيران المدني.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك