تحليل شامل: كيف يستثمر المسافرون أوقاتهم خلال الرحلات الجوية
يكشف قطاع الطيران العالمي باستمرار عن رؤى مثيرة للاهتمام تتعلق بسلوكيات المسافرين وتفضيلاتهم خلال رحلاتهم الجوية. في إطار متابعة أحدث الدراسات والتقارير المتخصصة، تقدم لكم منصة فليت أرابيا Flight Arabia تحليلاً متعمقاً لأبرز النتائج التي توصلت إليها أحدث الأبحاث الميدانية التي أجرتها المنظمات الدولية المتخصصة في قياس تجربة المسافرين وسلوكياتهم على متن الطائرات.
دراسة متعمقة لأنماط سلوك المسافرين خلال الرحلات الجوية
كشفت دراسة حديثة أجرتها منظمة APEX بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) والمجلس الدولي للمطارات (ACI) عن أنماط سلوكية مثيرة للاهتمام بين المسافرين جواً. شملت الدراسة عينة تضم أكثر من 15,000 مسافر من 45 دولة مختلفة، وغطت رحلات متفاوتة المدى تتراوح بين الرحلات الداخلية القصيرة والرحلات الدولية طويلة المدى.
النوم والراحة: الاستثمار الأمثل لوقت الرحلة
تشير البيانات إلى أن المسافرين يقضون ما متوسطه 18% من وقت رحلتهم في النوم والراحة، مع اختلاف ملحوظ بين الرحلات الليلية والنهارية. تصل هذه النسبة إلى 32% في الرحلات الليلية طويلة المدى، بينما تنخفض إلى 8% فقط في الرحلات النهارية القصيرة. يفضل 67% من المسافرين النوم خلال الساعة الأولى من الرحلة، بينما يختار 23% منهم فترات النوم المتقطعة طوال مدة الرحلة.
تكشف الدراسة أن المسافرين الدائمين وكبار رجال الأعمال يميلون إلى النوم بنسبة 40% أكثر من المسافرين العاديين، وذلك بسبب اعتيادهم على ظروف السفر الجوي. كما أظهرت النتائج أن ركاب درجة رجال الأعمال والدرجة الأولى ينامون بمعدل 45 دقيقة إضافية compared to ركاب الدرجة الاقتصادية، وذلك بسبب توفر مقاعد قابلة للاستلقاء الكامل ومساحات شخصية أكثر راحة.
الترفيه الرقمي: تحول جذري في تجربة السفر
يحتل الترفيه الرقمي المرتبة الثانية في قائمة أنشطة المسافرين، حيث يقضون 22% من وقت الرحلة في مشاهدة المحتوى الترفيهي. تظهر البيانات أن 58% من المسافرين يفضلون استخدام أنظمة الترفيه المدمجة في الطائرة، بينما يعتمد 42% على أجهزتهم الشخصية. تشمل أنشطة الترفيه مشاهدة الأفلام (45% من وقت الترفيه)، المسلسلات التلفزيونية (28%)، الاستماع إلى الموسيقى (15%)، ومشاهدة البرامج الوثائقية (12%).
تكشف الدراسة عن فروق كبيرة بين الفئات العمرية، حيث يقضي المسافرون تحت سن 35 سنة 35% من وقتهم في الأنشطة الترفيهية الرقمية، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 15% للمسافرين فوق سن 55 سنة. كما تختلف التفضيلات حسب الجنسية، حيث يفضل المسافرون الآسيويون المحتوى التفاعلي والألعاب بنسبة 40% أعلى من نظرائهم الأوروبيين.
التغذية على متن الطائرة: تجربة متعددة الأبعاد
تشير النتائج إلى أن المسافرين يقضون 9% من وقت رحلتهم في تناول الطعام والشراب، مع اختلافات كبيرة بين شركات الطيران ودرجات السفر. يخصص ركاب الدرجة الأولى 12% من وقتهم للوجبات، بينما يخصص ركاب الدرجة الاقتصادية 7% فقط. تكشف الدراسة أن 78% من المسافرين يعتبرون جودة الطعام عاملاً مهماً في اختيارهم لشركة الطيران.
تشمل تفضيلات الطعام اختلافات إقليمية ملحوظة، حيث يفضل المسافرون من الشرق الأوسط الوجبات التقليدية بنسبة 65%، بينما يفضل المسافرون الأوروبيون الخيارات النباتية والعضوية بنسبة 48%. كما أظهرت الدراسة أن 42% من المسافرين يطلبون وجبات خاصة مسبقاً، مع زيادة بنسبة 25% في هذه الطلبات خلال السنوات الثلاث الماضية.
القراءة والتعلم: استثمار معرفي خلال التحليق
تحظى الأنشطة القرائية بحصة تبلغ 16% من وقت المسافرين، حيث يقضون 11% في قراءة الكتب والمجلات الورقية، و5% في قراءة المحتوى الرقمي. تظهر البيانات أن المسافرين فوق سن 45 سنة يقرأون بنسبة 40% أكثر من المسافرين الأصغر سناً. كما تكشف الدراسة أن الرحلات الطويلة تشهد زيادة في معدلات القراءة تصل إلى 28% compared to الرحلات القصيرة.
تشمل المواد المقروءة الروايات (35%)، المجلات المتخصصة (25%)، الصحف اليومية (20%)، والكتب العلمية والتطويرية (20%). يفضل 62% من المسافرين القراءة خلال الساعتين الأخيرتين من الرحلة، بينما يختار 38% القراءة خلال المراحل الأولى من الرحلة.
العمل والإنتاجية: تحويل المقعد إلى مكتب متنقل
يكرس 24% من المسافرين وقت رحلتهم للعمل والإنتاجية، مع اختلافات كبيرة بين رحلات العمل والرحلات الترفيهية. يقضي مسافرو الأعمال 38% من وقتهم في العمل، بينما ينخفض هذا المعدل إلى 10% للمسافرين للترفيه. تشمل أنشطة العمل معالجة البريد الإلكتروني (40%)، إعداد التقارير والمستندات (25%)، المشاركة في المؤتمرات المرئية (15%)، والدراسة والبحث (20%).
تكشف الدراسة أن 72% من مسافري الأعمال يعتبرون وقت الرحلة منتجاً، بينما يرى 55% منهم أن العمل خلال الرحلة يساعدهم على توفير وقت ثمين. كما أظهرت النتائج أن الشركات التي توفر لموظفيها إمكانية العمل خلال الرحلات الجوية تسجل زيادة في الإنتاجية تصل إلى 18%.
التواصل الاجتماعي والتفاعلات البشرية
تشير البيانات إلى أن المسافرين يقضون 8% من وقتهم في التفاعلات الاجتماعية، سواء مع مرافقيهم أو مع المسافرين الآخرين أو طاقم الطائرة. تختلف هذه النسبة حسب نوع الرحلة، حيث تصل إلى 15% في الرحلات العائلية، بينما تنخفض إلى 3% في رحلات العمل الفردية. يفضل 68% من المسافرين الجلوس بجانب نوافذ الطائرة للاستمتاع بالخصوصية، بينما يفضل 22% المقاعد الممرية لتسهيل الحركة.
التسوق والأنشطة التجارية
يحتل التسوق حصة تبلغ 4% من وقت المسافرين، مع زيادة ملحوظة في عمليات الشراء عبر أنظمة الترفيه المدمجة في الطائرة. تشير البيانات إلى أن متوسط الإنفاق على التسوق خلال الرحلة يبلغ 45 دولاراً للمسافر، مع تفضيل واضح للمنتجات الفاخرة والعطور والإلكترونيات. تسجل الرحلات الدولية الطويلة أعلى معدلات للتسوق، حيث يشتري 35% من المسافرين على الأقل منتجاً واحداً خلال الرحلة.
تطبيقات عملية للدراسة في صناعة الطيران
تستفيد شركات الطيران من هذه البيانات القيمة في تطوير خدماتها وتحسين تجربة المسافرين. تشمل التطبيقات العملية تصميم مقاعد أكثر راحة للنوم، تطوير أنظمة ترفيه أكثر تطوراً، تقديم خيارات طعام متنوعة تلبي الاحتياجات المختلفة، وتوفير خدمات اتصال وإنترنت عالي السرعة لدعم العمل عن بعد. كما تساعد هذه الدراسات منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) في وضع معايير جديدة لسلامة وراحة المسافرين.
ليست هناك تعليقات: