يُعَدّ الشعور بانسداد الأذن أثناء السفر الجوي من أكثر المشكلات التي يلاحظها المسافرون على متن الطائرات. فعلى الرغم من أنّ الرحلات الجوية قد تخلّف آثاراً صحية متعددة مثل الإرهاق الناتج عن اضطراب الساعة البيولوجية أو الشد العضلي بسبب الجلوس لفترة طويلة، يبقى ألم الأذن أو انسدادها من الأعراض التي تُسبب إزعاجاً كبيراً للكثيرين.
المصطلح الطبي لهذه الحالة هو باروتروما الأذن (Ear Barotrauma)، وهو يصف بدقة ما يحدث من ألم أو ضغط داخلي نتيجة اختلافات الضغط الجوي. ورغم أن الأمر قد يبدو في البداية عرضاً بسيطاً، إلا أنه قد يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات حقيقية مثل التهابات الأذن الوسطى أو فقدان مؤقت للسمع، مما يجعل فهم الأسباب وطرق الوقاية أمراً مهماً للمسافرين.
ما الذي يسبب انسداد الأذن عند الطيران؟
لفهم ظاهرة انسداد الأذن أثناء الطيران، لا بد من إلقاء نظرة سريعة على تشريح الأذن. تتكون الأذن من ثلاثة أقسام رئيسية: الأذن الخارجية، والأذن الوسطى التي تحتوي على طبلة الأذن، والأذن الداخلية المسؤولة عن التوازن والسمع الدقيق. الأذن الوسطى تتصل مباشرة بالجزء الخلفي من الأنف والحنجرة من خلال قناة دقيقة تُسمى قناة استاكيوس. هذه القناة مسؤولة عن معادلة الضغط بين الأذن الوسطى والبيئة المحيطة.
تفتح قناة استاكيوس وتغلق بشكل تلقائي عدة مرات يومياً، وغالباً ما نغفل عن ذلك لأنها تعمل بسلاسة. لكن أثناء الإقلاع والهبوط يحدث تغير سريع في الضغط الجوي، مما يعيق عمل القناة وقد يؤدي إلى شعور بانسداد الأذن. يزداد الأمر سوءاً عند الإصابة بالبرد أو الحساسية أو التهاب الجيوب الأنفية، إذ تكون القناة متورمة أو مسدودة جزئياً، فلا تسمح بمرور الهواء بشكل كافٍ.
وفي حال وجود التهابات نشطة أو انسداد في الجيوب، تقل كفاءة القناة بشكل كبير، فيشعر المسافر بألم شديد. هنا يصبح من الضروري مساعدة القناة على إعادة التوازن في الضغط، وإلا قد تحدث مضاعفات. فيما يلي أبرز الطرق العملية لتخفيف الأعراض أثناء الرحلة.
طرق فعالة للتعامل مع انسداد الأذن خلال الرحلة
1- تقنية النفخ اللطيف مع إغلاق الأنف
يمكن للمسافر الذي يعاني من انسداد الأذن أثناء الطيران محاولة فتح الأذن الوسطى عبر ما يُعرف بمناورة فالسالفا: إغلاق الأنف والفم ثم النفخ بلطف لإدخال هواء إلى الأذن. يجب الحرص على عدم المبالغة في الضغط، لأن الإفراط قد يؤدي إلى إصابة طبلة الأذن أو الأعصاب السمعية، وقد يسبب فقداناً في السمع أو دواراً أو طنيناً دائماً.
2- تحريك الفك والبلع
مضغ العلكة أو القيام بحركات بسيطة مثل التثاؤب وابتلاع الماء يساعد على تحريك عضلات الفك واللسان، مما يعزز فتح قناة استاكيوس بشكل طبيعي. بالنسبة للأطفال، يمكن أن يكون شرب العصائر باستخدام المصاصة أو مص الحلوى طريقة آمنة وفعالة لتقليل الانزعاج.
3- استخدام الأدوية المضادة للاحتقان
تساعد مضادات الاحتقان على تقليص الأنسجة المتورمة داخل الأنف، وبالتالي تسهيل مرور الهواء عبر قناة استاكيوس وتخفيف انسداد الأذن أثناء الطيران. يُنصح بتناولها قبل وقت قصير من الإقلاع بعد استشارة الطبيب، خصوصاً لمن يعانون من التهابات متكررة أو احتقان مزمن.
4- في حال استمرار الأعراض بعد الهبوط
عادة ما يختفي الإحساس بالانسداد بعد ساعات قليلة من الهبوط. لكن إذا استمرت الأعراض لأكثر من يوم أو صاحبها ألم قوي أو ضعف في السمع، فقد يكون هناك تجمع للسوائل خلف طبلة الأذن، وفي هذه الحالة ينبغي مراجعة طبيب الأنف والأذن لتفادي المضاعفات.
نصائح وقائية قبل السفر
لتقليل احتمال الإصابة بانسداد الأذن أثناء الرحلات الجوية، يُنصح باتباع بعض الإرشادات الوقائية:
- تجنب السفر أثناء الإصابة بنزلة برد أو التهاب جيوب إن أمكن.
- الحرص على شرب كمية كافية من الماء للحفاظ على رطوبة الأغشية المخاطية.
- اصطحاب علكة أو حلوى صلبة لمضغها أثناء الإقلاع والهبوط.
- استشارة الطبيب حول استخدام قطرات أنفية أو بخاخات مخصصة إذا كنت تعاني من احتقان مزمن.
- الاستعداد مسبقاً بحجز مقعد في الجزء الأمامي من الطائرة حيث تكون التغيرات في الضغط أقل حدة مقارنة بالمقاعد الخلفية.
باتباع هذه الخطوات الوقائية، يمكن للمسافر أن يقلل بشكل كبير من احتمالية الشعور بعدم الراحة بسبب انسداد الأذن أثناء الطيران ويحظى برحلة أكثر راحة وسلامة.
راجع أيضا: ارشادات للمسافر بالطيران لأول مرة
ليست هناك تعليقات: