الجمعة، 29 يونيو 2018

مطار بسكرة محمد خيضر الدولي Biskra Airport

 يقع مطار محمد خيضر الدولي، المعروف أيضًا باسم مطار بسكرة، في قلب ولاية بسكرة بالمنطقة الشمالية الشرقية من الجزائر، ويُعد أحد البوابات الجوية المهمة التي تربط المدينة بالعاصمة وبمدن إقليمية ودولية أخرى. يُعتمد المطار رسميًا ضمن شبكة النقل الجوي العالمية تحت رمز إياتا (BSK) ورمز إيكاو (DAUB)، ما يضعه ضمن المعايير الدولية للملاحة الجوية. تتولى شركة تسيير مصالح ومنشآت المطارات الجزائرية مسؤولية تشغيله وإدارته، حيث تعمل على صيانة بنيته التحتية وضمان سير العمليات اللوجستية والتجارية. هذا الدور يعكس مكانة المطار كبنية استراتيجية ضمن منظومة الطيران المدني الجزائري، نظرًا لموقعه الجغرافي الذي يربط الصحراء الكبرى بشمال البلاد.

مطار بسكرة محمد خيضر الدولي Biskra Airport

تاريخ مطار بسكرة محمد خيضر الدولي

تعود جذور مطار بسكرة إلى الحقبة السابقة للحرب العالمية الثانية، حين استُخدم في بداياته كمطار إقليمي صغير. ومع اندلاع الحرب، تحوّل إلى قاعدة جوية تحمل اسم Biskra Airfield، لتصبح جزءًا محوريًا في الاستراتيجية العسكرية للحلفاء. فقد اتخذته القوات الجوية الأمريكية الثانية عشرة مقرًا رئيسيًا لدعم عملياتها ضمن حملة شمال أفريقيا، التي استهدفت قوات "الأفريكا كوربس" التابعة للجيش الألماني. في تلك الفترة، كان المطار يشكّل مركزًا لوجستيًا حاسمًا لإقلاع القاذفات والمقاتلات، ما جعله شاهدًا على واحدة من أشرس الحملات العسكرية في تاريخ المنطقة.

استضاف مطار محمد خيضر الدولي في تلك المرحلة عددًا من الوحدات القتالية الأمريكية البارزة، التي تناوبت على استخدامه كمركز انطلاق نحو الجبهات. من بين تلك الوحدات: جناح القصف الخامس الذي تمركز هناك لفترة وجيزة مطلع عام 1943، إضافة إلى المجموعة المقاتلة الأولى التي اعتمدت على مقاتلات P-38 Lightning للقيام بمهام جوية بين ديسمبر 1942 وفبراير 1943. كذلك استخدمت المجموعة 97 للقصف المطار كقاعدة لإطلاق طائرات B-17 Flying Fortress الثقيلة خلال ديسمبر 1942 ويناير 1943. وأخيرًا، كان للمجموعة 301 للقاذفات حضور قصير لكنه استراتيجي بين ديسمبر 1942 ويناير 1943. هذا التنوع في الوحدات يعكس الأهمية التكتيكية للمطار ضمن منظومة الحلفاء.

و يعد مطار بسكرة محمد خيضر الدولي من أهم مطارات الجزائر و أهم محطات الشحن الجوي بها، نظرا لما يتمتع به من موقع استراتيجي بمدينة بسكرة. وهو الأن مطار مدني دولي و يضم قاعدة عسكرية جوية. تقع بسكرة في شمال شرق الجزائر، على بعد حوالي 248 ميلاً (400 كم) من الجزائر العاصمة، و 71 ميلاً (115 كم) جنوب غرب باتنة. وتلقب بـ "ملكة الزيبان" ، "باب الصحراء" أو "نيس الصحراء" بسبب موقعها في بداية الصحراء الكبرى. نظرًا لموقعها الجغرافي ومناخها ومواردها الطبيعية، وخاصة الزراعة، كانت بسكرة دائمًا مركزًا وتقاطعًا بين المدن في الشمال والجنوب. لقد شهدت مرور العديد من الحضارات، من الرومان والعرب إلى الفرنسيين.

يحمل مطار بسكرة اسم الزعيم الجزائري محمد خيضر، المولود في بسكرة عام 1912، تكريمًا لدوره البارز في الحركة الوطنية الجزائرية. ارتبط اسمه مبكرًا بالحركات الوطنية مثل النجم الإفريقي الشمالي وحزب الشعب الجزائري بزعامة مصالي الحاج، قبل أن يصبح لاحقًا من المؤسسين الأساسيين لجبهة التحرير الوطني (FLN). مثّل خيضر الجزائر في البرلمان الفرنسي بين 1946 و1951 من خلال حركة انتصار الحريات الديمقراطية (MTLD). خلال حرب التحرير، لعب دورًا دبلوماسيًا محوريًا عبر تمثيل الجبهة في المحافل الخارجية. عُرف أيضًا بقضية اختطاف الطائرة عام 1956 إلى جانب أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد ومحمد بوضياف ورابح بيطاط، حيث ألقي القبض عليهم من قِبل السلطات الفرنسية. وبعد استقلال الجزائر، شغل خيضر منصبًا وزاريًا في حكومة المنفى المؤقتة (GPRA). إن تسمية المطار باسمه تخلّد إرثه النضالي والسياسي.

مرافق مطار محمد خيضر الدولي

تتوزع منشآت مطار مطار بسكرة محمد خيضر الدولي على مساحة واسعة تضم ثلاثة مدارج مهيأة لاستقبال أنواع مختلفة من الطائرات؛ أطولها يمتد إلى حوالي 2,900 متر بعرض 45 مترًا، فيما يبلغ طول المدارج الأخرى نحو 1,650 متر، مما يتيح مرونة أكبر في تشغيل الطائرات المتوسطة والصغيرة. إلى جانب ذلك، يضم المطار مهبطين للطائرات المروحية، ومنطقة مخصصة للشحن الجوي والخدمات اللوجستية، حيث تُعالج البضائع وتُجهّز للشحن الدولي. كما يحتوي على ورشات صيانة وتموين متكاملة، ومساحات انتظار للطائرات، بالإضافة إلى مرافق إدارية وأمنية متطورة تضمن انسيابية العمليات الجوية وسلامة الركاب والشحنات.

الخطوط الجوية العاملة بمطار بسكرة

يخدم مطار بسكرة محمد خيضر الدولي شبكة واسعة من الرحلات الداخلية والخارجية عبر عدة شركات. الخطوط الجزائرية تُسيّر رحلات تربط بسكرة بالجزائر العاصمة وبمدن إقليمية مثل أدرار وتلمسان وعنابة وحاسي مسعود ووهران، إلى جانب وجهات دولية تشمل تونس والقاهرة وليون. أما طيران الطاسيلي فيدعم حركة النقل نحو مدن داخلية عديدة كغرداية وتمنراست وتيارت، فضلاً عن خطوط مباشرة إلى باريس ومرسيليا وتولوز وستراسبورغ ومدن فرنسية أخرى. وتشمل القائمة كذلك شركة إيغل أزور، التي وفّرت في الماضي خطوطًا منتظمة إلى عدد من المدن الفرنسية مثل بوردو وليل وتولوز، بالإضافة إلى الخطوط الفرنسية التي ربطت المطار بالعاصمة باريس ومدينة مرسيليا. هذا التنوع في الشركات يعزز مكانة المطار كبوابة تربط الصحراء الجزائرية بأوروبا وشمال إفريقيا.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك