يُعد مطار صفاقس طينة الدولي Sfax–Thyna International Airport منشأة جوية استراتيجية تقع في بلدية طينة على بعد 6 كيلومترات جنوب غرب مدينة صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية من حيث الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي. يحتل المطار موقعاً حيوياً في الشبكة الجوية التونسية، حيث يمثل محطة رئيسية لشركة الخطوط التونسية الناقل الوطني، بالإضافة إلى كونه المقر التشغيلي الرئيسي لشركة سيفاكس آرلاينز. يحمل المطار الرمز الدولي SFA وفق نظام الإياتا وDTTX في تصنيف الإيكاو، وتشرف على إدارته وتشغيله مصلحة ديوان الطيران المدني والمطارات التونسي.
نبذة تاريخية عن مطار صفاقس طينة الدولي

الجذور التاريخية والتراث العسكري
تعود جذور مطار صفاقس طينة إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، حيث شيدته القوات الجوية للجيش الأمريكي التاسع خلال حملة شمال أفريقيا تحت اسم "مطار صفاقس العسكري". شهد المطار خلال الفترة من أبريل إلى يونيو 1943 نشاطاً عسكرياً مكثفاً، حيث استضاف وحدتي قصف أمريكيتين متخصصتين: مجموعة القصف الثاني عشر التي operated طائرات B-25 Mitchell، ومجموعة القصف 340 التي نفذت عمليات قصف استراتيجية ضد أهداف محورية في منطقة البحر المتوسط. تشير السجلات العسكرية إلى أن هذه الوحدات نفذت أكثر من 200 مهمة قتالية من المطار، مما ساهم في تحويل مسار المعارك في شمال أفريقيا.
مراحل تطوير مطار صفاقس طينة والتحول إلى مطار مدني
شهد مطار صفاقس طينة تحولاً جذرياً في عام 1988 مع تنفيذ مشروع توسعة شمل تمديد المدرج الرئيسي وتعزيز البنية التحتية. في عام 1989، أضيفت محطة متخصصة للشحن الجوي بمساحة 1500 متر مربع، تلتها في 1996 إنشاء مرافق جديدة شملت مستودعات حديثة، ممرات متطورة للسيارات، وإعادة تأهيل شاملة لساحة المطار. شملت التحسينات أيضاً تركيب نظام إضاءة متطور للمدرج وبناء برج مراقبة جديد مجهز بأحدث أنظمة الملاحة والاتصالات الجوية.
بلغت ذروة التطوير في 8 نوفمبر 2005 مع بدء بناء مجمع الركاب الجديد الذي يتكون من ثلاث وحدات معمارية متكاملة على مساحة 2000 متر مربع. تم تدشين المشروع في 22 ديسمبر 2007 بتكلفة إجمالية بلغت 6 ملايين دينار تونسي، مع تخصيص ميزانية إضافية قدرها 25 مليون دينار لتنفيذ عملية تجميل شاملة للمطار. صمم المجمع الجديد لاستيعاب 200,000 مسافر سنوياً، مع إمكانيات التوسع المستقبلية لمواكبة النمو المتوقع في حركة المسافرين.
مرافق مطار صفاقس طينة والتجهيزات المتطورة
تمتد منشآت مطار صفاقس طينة على مساحة إجمالية تبلغ 327 هكتاراً، تشغل فيها المحطة الجوية للمسافرين مساحة 8000 متر مربع مجهزة بأحدث الأنظمة التقنية والخدمية. تبلغ مساحة مناطق وقوف الطائرات 12,350 متر مربع، وتتضمن مركزين متخصصين لخدمة الطائرات بمختلف أحجامها. يتميز المدرج الرئيسي (27/09) بمواصفات تقنية متطورة حيث يبلغ طوله 3225 متراً وعرضه 45 متراً، مما يمكنه من استقبال مختلف أنواع الطائرات including الطائرات wide-body العابرة للقارات.
تشمل الطاقة الاستيعابية للمحطة الجوية أكثر من 500,000 مسافر سنوياً، مع توفير مرافق متكاملة تشمل صالات انتظار مريحة، مناطق ترفيهية، متاجر حرة، ومطاعم تقدم تشكيلة متنوعة من المأكولات المحلية والعالمية. يضم المطار أيضاً مركزاً متطوراً للشحن الجوي، مرافق جمركية متكاملة، ومناطق خاصة بكبار الشخصيات.
تطور مطار صفاقس طينة الدولي
يشهد مطار صفاقس طينة نمواً مطرداً في حركة المسافرين والشحن الجوي، حيث سجل ارتفاعاً بنسبة 15.9% خلال النصف الأول من 2023 مقارنة بنفس الفترة من 2022، وذلك رغم التراجع العام في حركة المطارات التونسية الذي بلغ 9.4%. يعزى هذا النمو إلى زيادة عدد الرحلات الجوية من وإلى ليبيا، وتعزيز وجود شركة سيفاكس أيرلاينز التي اتخذت من المطار مقراً رئيسياً لها منذ 2011 حتى 2015.
تشمل خطط التطوير الحالية توسعة ساحة وقوف الطائرات بإضافة 13,000 متر مربع إلى المساحة الحالية البالغة 17,500 متر مربع، مما يرفع القدرة الاستيعابية من 3 إلى 6 طائرات في الوقت الواحد. تشمل المشاريع المستقبلية بناء مرافق جديدة لاستيعاب 800,000 مسافر سنوياً، وتطوير أنظمة الأمن والسلامة وفق أحدث المعايير الدولية.
شبكة الخطوط الجوية والوجهات
يخدم مطار صفاقس طينة أكثر من 125 رحلة أسبوعية منتظمة، بالإضافة إلى رحلات الحج والعمرة الموسمية. تشمل شركات الطيران العاملة في المطار:
- سيفاكس ايرلاينز: تقدم رحلات إلى جدة، الدار البيضاء، إسطنبول، ليون، نيس، وباريس شارل ديجول
- الخطوط التونسية: تشغل رحلات إلى باريس أورلي مع إمكانية التوصيل إلى مطار تونس قطاج
- الشركة التونسية للنقل والخدمات الجوية: تقدم خدمات الطائرات الخاصة والرحلات حسب الطلب
- نوفلير: تنفذ رحلات إلى مصراتة وطرابلس وتونس قرطاج
- الخطوط الجوية الليبية: تصل إلى مصراتة وطرابلس
- الخطوط الجوية الأفريقية: تربط المطار بطرابلس، سبها، مصراتة، وبنغازي
- غدامس للنقل الجوي: تقدم رحلات إلى طرابلس
التكامل مع الشبكة الجوية التونسية
يشكل مطار صفاقس طينة جزءاً أساسياً من الشبكة الجوية التونسية المتكاملة، حيث يتعاون مع مطار المانستير الحبيب بورقيبة ومطار جربة جرجيس ومطار طبرقة عين دراهم لتحسين التوصيل بين المناطق التونسية. كما يعزز التعاون مع مطار تورز نفطة ومطار قفصة قصر ومطار قابس مطماطة لإنشاء شبكة متكاملة للطيران الداخلي.
يساهم المطار بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والإقليمية لمدينة صفاقس والمناطق المحيطة، حيث يوفر أكثر من 800 فرصة عمل مباشرة و2000 فرصة عمل غير مباشرة. تشير التقديرات إلى أن المساهمة السنوية للمطار في الاقتصاد المحلي تصل إلى 150 مليون دينار تونسي، مع توقعات بنمو هذه المساهمة إلى 250 مليون دينار مع اكتمال مشاريع التطوير الحالية.
يظل مطار صفاقس طينة الدولي شاهداً على التطور المستمر لقطاع الطيران في تونس، وأحد الركائز الأساسية لتعزيز التنمية الاقتصادية والسياحية في المنطقة الجنوبية، مع إمكانيات كبيرة للنمو والتطور في ظل الخطط الاستراتيجية الطموحة التي تتبناها الحكومة التونسية والجهات المعنية بالطيران المدني.
ليست هناك تعليقات: