الأربعاء، 11 يناير 2017

تحذير: هاتفك قد يسبب انفجار الطائرة!

في الثامن من ديسمبر عام 2016، وقبل موسم العطلات الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد الرحلات الجوية، أصدرت هيئة سلامة الطيران المدني الأسترالية (CASA) تحذيرًا رسميًا عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي موجّهًا إلى جميع الركاب وأطقم الطائرات. وجاء نص التحذير واضحًا وصريحًا: "إذا فقدت هاتفك على متن الطائرة، لا تتحرك من مكانك، ولا تحرّك مقعدك! فقط اطلب مساعدة طاقم الضيافة."

أثار هذا التحذير اهتمامًا عالميًا واسعًا، إذ لم يكن الحديث عن خطر الهواتف المحمولة داخل الطائرات جديدًا، لكنه هذه المرة لم يرتبط باستخدامها أثناء الإقلاع أو الهبوط، بل بخطر فيزيائي خفيّ يتمثل في سقوط الهاتف بين فواصل المقاعد وتعرضه للضغط أو السحق، ما قد يؤدي إلى اشتعال البطارية وحدوث حريق داخل المقصورة — وهي من أخطر الحالات التي يمكن أن تواجهها أي طائرة في الجو.

تحذير: هاتفك قد يسبب انفجار الطائرة!

كيف ينفجر الهاتف المحمول على متن الطائرة؟

تعتمد معظم الهواتف المحمولة الحديثة على بطاريات الليثيوم أيون، وهي بطاريات عالية الكثافة في الطاقة ولكنها أيضًا حساسة للغاية. عند تعرضها للضغط الميكانيكي أو السحق، أو في حال وجود خلل في العزل الداخلي بين الأقطاب الموجبة والسالبة، قد يحدث ما يُعرف بظاهرة الدوام الحراري (Thermal Runaway) — وهي سلسلة تفاعلات داخلية تؤدي إلى ارتفاع سريع في درجة الحرارة ثم اشتعال أو انفجار.

تصميم المقاعد داخل الطائرات، خصوصًا في الطائرات الضيقة مثل إيرباص A320 أو بوينغ 737، يحتوي على فواصل معدنية ضيقة جدًا يمكن أن تنحشر الهواتف بينها بسهولة. وعندما يحاول الراكب تحريك المقعد أو الاتكاء للبحث عن الهاتف، فإن الضغط الناتج قد يسحق البطارية ويتسبب بتسرب كهربائي فوري.

ووفقًا لتقارير هيئة CASA لعام 2016، تم تسجيل 9 حوادث اشتعال نتيجة سقوط وسحق هواتف بين المقاعد داخل الطائرات الأسترالية وحدها، إحداها تسببت بانبعاث دخان داخل المقصورة خلال مرحلة الهبوط وأدت إلى استخدام أجهزة الإطفاء المحمولة من قبل الطاقم.

التحذير يمتد عالميًا: من أستراليا إلى العالم

لم يقتصر هذا التحذير على أستراليا. فقد سارعت هيئات طيران أخرى، مثل إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) ووكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA)، إلى إصدار إرشادات مشابهة في السنوات اللاحقة، بعد تسجيل أكثر من 250 حادثة حرائق بطاريات على متن طائرات ركاب حول العالم بين عامي 2017 و2023، وفق تقارير منظمة الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA).

وقد أوصت هذه الهيئات الركاب بعدم محاولة التقاط الهاتف في حال سقوطه في أماكن ضيقة داخل المقصورة، بل طلب المساعدة من طاقم الطائرة فورًا. كما أوصت شركات الطيران بتدريب أطقمها على التعامل مع حرائق بطاريات الليثيوم، إذ أن إطفاءها بالماء غير فعال، بل يُستخدم عادةً مطفأة خاصة تعتمد على ثاني أكسيد الكربون أو بودرة جافة.

الجانب العلمي: لماذا تُعد بطاريات الليثيوم خطيرة؟

تتكوّن بطاريات الليثيوم من مواد شديدة النشاط الكيميائي، وعندما تتعرض لأي تلف ميكانيكي أو ارتفاع في الحرارة، قد تبدأ تفاعلات تسلسلية تؤدي إلى:

  • انصهار الفواصل الداخلية بين الأقطاب.
  • تحرّر الأكسجين والغازات القابلة للاشتعال.
  • ارتفاع درجة الحرارة إلى أكثر من 600 درجة مئوية.
  • انفجار أو اشتعال فوري للخلية.

هذه الظاهرة تُعرف باسم الاحتراق الذاتي البطاري (Battery Fire Propagation)، وهي السبب في أن شركات الطيران تحظر شحن الأجهزة المحمولة في الأمتعة المشحونة، وتسمح فقط بحملها داخل المقصورة، حيث يمكن التعامل مع أي طارئ بسرعة.

أرقام وإحصاءات حديثة (2024–2025)

بحسب تقرير السلامة الجوية الصادر عن IATA لعام 2025، تم الإبلاغ عن 41 حادثًا متعلقًا ببطاريات الليثيوم داخل الطائرات التجارية خلال عام 2024 وحده، بزيادة قدرها 15% مقارنة بالعام السابق. وقد توزعت هذه الحوادث على النحو التالي:

المنطقة عدد الحوادث النسبة من الإجمالي
آسيا والمحيط الهادئ1844%
أوروبا922%
أمريكا الشمالية717%
الشرق الأوسط وأفريقيا717%

وتُظهر البيانات أن الغالبية العظمى من الحوادث وقعت أثناء الرحلات القصيرة، حيث يزداد تفاعل الركاب مع أجهزتهم المحمولة خلال الصعود والهبوط. وقد لاحظت الشركات أيضًا أن الهواتف الكبيرة الحجم (أكثر من 6.5 بوصة) تكون أكثر عرضة للسحق بسبب ضيق الفواصل بين المقاعد.

الوقاية والتدابير الحديثة

في عام 2023 بدأت بعض شركات الطيران — مثل الخطوط السنغافورية وطيران الإمارات — في تركيب أنظمة إنذار حراري داخل المقاعد ومناطق التخزين العلوية، قادرة على استشعار ارتفاع درجة الحرارة الناتج عن بطارية تالفة قبل حدوث الحريق. كما طورت شركات مثل Boeing وAirbus أنظمة احتواء حرائق مخصصة لأجهزة الليثيوم، لتقليل المخاطر داخل المقصورة.

أما على صعيد الركاب، فقد أطلقت CASA بالتعاون مع هيئة النقل الجوي الأسترالية حملة توعية جديدة في 2024 تحت عنوان "احمِ رحلتك... لا تحرك مقعدك!"، تتضمن مقاطع توعوية تُعرض في شاشات الطائرات قبل الإقلاع. وتضمنت نصائح واضحة، منها:

  • إذا سقط الهاتف بين المقاعد، لا تحرك المقعد.
  • أبلغ طاقم الضيافة فورًا.
  • لا تشحن الهاتف أثناء الإقلاع أو الهبوط.
  • استخدم شواحن أصلية ومعتمدة فقط.

ماذا عن الأجهزة الأخرى؟

لم تقتصر التحذيرات على الهواتف الذكية فحسب. بل شملت أيضًا الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة والسماعات اللاسلكية وحتى البنوك المحمولة للطاقة (Power Banks)، والتي تشكّل خطرًا مماثلًا إذا تعرضت للضغط أو لحرارة مرتفعة. ولهذا السبب، تمنع معظم شركات الطيران الآن شحن بطاريات الليثيوم داخل الحقائب المسجلة وتفرض قيودًا على السعة القصوى للبطاريات المحمولة.

حادث واقعي: هاتف كاد يتسبب بكارثة

في يوليو 2022، أعلنت شركة "Quantas Airways" الأسترالية عن وقوع حادث كاد يتحول إلى كارثة بعد سقوط هاتف أحد الركاب تحت المقعد وانبعاث دخان كثيف منه بسبب سحق البطارية. تعامل الطاقم بسرعة وأطفأ الحريق خلال ثوانٍ، وأعلنت الشركة لاحقًا أن الحادث كان نتيجة "ضغط ميكانيكي مباشر على خلية ليثيوم تالفة".

"يجب التعامل مع الهواتف المحمولة على متن الطائرات كما نتعامل مع الوقود — بعناية ومسؤولية كاملة."
- متحدث باسم هيئة CASA، تقرير فبراير 2025

نظرة مستقبلية: هل سنرى هواتف آمنة للطيران؟

في ظل التطور التقني السريع، تعمل الشركات المصنعة حاليًا على تطوير بطاريات حالة صلبة (Solid-State) التي يُتوقع أن تقلل مخاطر الاحتراق بنسبة تصل إلى 90%. ومن المنتظر أن تبدأ هذه البطاريات بالوصول إلى السوق التجارية عام 2026، ما قد يُحدث نقلة نوعية في معايير السلامة الجوية الخاصة بالأجهزة المحمولة.

كما تسعى منظمات مثل IATA وICAO إلى تحديث لوائح نقل الأجهزة الإلكترونية لتشمل تعليمات إلزامية حول التعامل مع البطاريات داخل الطائرات، وهو ما قد يقلل الحوادث المستقبلية بشكل كبير.

الخلاصة

حادثة "الهاتف الساقط" قد تبدو بسيطة، لكنها تذكير قوي بأن التكنولوجيا، مهما كانت متطورة، تبقى بحاجة إلى وعي المستخدم وإدراكه للمخاطر. فسلامة الطائرة لا تتعلق فقط بالطيار أو بالمحركات، بل تمتد إلى أبسط تصرفات الركاب. لذا، في رحلتك القادمة، إذا انزلق هاتفك تحت المقعد، تذكّر فقط: لا تحركه... استعن بالطاقم!

الاثنين، 9 يناير 2017

مطار وجدة أنجاد الدولي

مطار وجدة أنجاد الدولي (Angads Airport) هو واحد من أبرز البوابات الجوية في شرق المملكة المغربية، ويقع على بعد نحو 12 كيلومترًا شمال مدينة وجدة، عاصمة إقليم عمالة وجدة أنكاد. يتميز المطار بموقعه الاستراتيجي القريب من الحدود المغربية الجزائرية، ويبعد حوالي 600 كيلومتر شمال شرق الدار البيضاء، مما يجعله نقطة محورية للربط بين شمال أفريقيا وأوروبا. يشرف على تشغيله وإدارته المكتب الوطني للمطارات (ONDA)، وهو الجهة المسؤولة عن تطوير البنية التحتية للمطارات المغربية وفق المعايير الدولية.

يحمل مطار وجدة أنجاد رمز الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA): OUD، ورمز منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO): GMFO. وقد حصل على شهادة الجودة العالمية ISO 9001 في مارس 2007، تأكيدًا لالتزامه بمعايير الإدارة الحديثة والسلامة التشغيلية. واحتل المطار المرتبة الثامنة بين مطارات المملكة في حجم حركة المسافرين خلال عام 2014 بعدد بلغ نحو 453,665 مسافرًا بين يناير وأكتوبر من ذلك العام.

مطار وجدة أنجاد الدولي Angads Airport

تاريخ مطار وجدة أنجاد الدولي

يعود تاريخ مطار وجدة أنجاد إلى أربعينيات القرن الماضي، حين استُخدم خلال الحرب العالمية الثانية كمطار عسكري من قبل القوات الجوية الأمريكية ضمن حملة شمال أفريقيا. وقد شكل حينها قاعدة دعم لوجستي للطائرات المقاتلة وطائرات النقل بين الدار البيضاء والجزائر. وبعد انسحاب القوات الأمريكية عام 1943، انتقلت ملكية المطار مجددًا إلى السلطات المغربية ليُعاد تأهيله كمطار مدني يخدم منطقة الشرق المغربي.

على مدى العقود اللاحقة، شهد المطار عدة مراحل من التوسع والتحديث، خصوصًا بعد الاستقلال، ليصبح مركزًا رئيسيًا للحركة الجوية في الجهة الشرقية. ومع بداية الألفية الثالثة، بدأت خطة تطوير شاملة لتوسيع المدارج وبناء محطة جديدة للركاب، ما جعل المطار أحد النماذج الحديثة للبنية التحتية الجوية في المغرب.

خطوط الطيران العاملة بمطار وجدة أنجاد

يشهد مطار وجدة أنجاد الدولي نشاطًا متزايدًا في حركة الطيران المحلية والدولية، حيث تعمل منه وإليه مجموعة واسعة من شركات الطيران العربية والأوروبية، تربط المدينة بعدد كبير من العواصم والمراكز الاقتصادية. ومن بين أهم الخطوط العاملة:

  • الخطوط الملكية المغربية – رحلات منتظمة إلى الدار البيضاء، باريس، وبروكسل.
  • الخطوط الملكية المغربية إكسبريس – رحلات داخلية إلى الدار البيضاء والناظور.
  • الخطوط الجوية الفرنسية (Air France) – رحلات إلى باريس.
  • ترانسافيا (Transavia) – رحلات إلى ليون وباريس وأمستردام.
  • رايان إير (Ryanair) – رحلات اقتصادية إلى باريس ومارسيليا ومالقة.
  • الخطوط الجوية السعودية – رحلات موسمية إلى جدة خلال موسم الحج والعمرة.
  • الخطوط الجوية الهولندية (KLM) – رحلات مباشرة إلى أمستردام.
  • طيران أزور (Azur Air) – رحلات عارضة إلى لشبونة وبورتو.
  • سمارت وينجز (Smart Wings) – رحلات سياحية إلى براغ.
  • ترافل سيرفيس سلوفاكيا – رحلات صيفية إلى براتيسلافا.

ومع تطور قطاع الطيران المغربي بعد جائحة كورونا، انضمت في عام 2023 خطوط جديدة مثل العربية للطيران المغرب وإيزي جيت، لتوسيع الربط الجوي نحو وجهات أوروبية مثل مدريد، ميلانو، وكولونيا، ما ساهم في تعزيز حركة السياحة والاستثمار في الجهة الشرقية.

مرافق مطار وجدة أنجاد الدولي

تبلغ مساحة مطار وجدة أنجاد نحو 850 هكتارًا، ويقع على ارتفاع 468 مترًا فوق مستوى سطح البحر. يمتلك المطار مدرجين رئيسيين بطول 3000 متر وعرض 45 مترًا، مهيّئين لاستقبال طائرات كبيرة من طراز Boeing 747 وAirbus A330. وقد شمل التحديث الأخير تعزيز البنية التحتية للإضاءة والملاحة الجوية بأنظمة ILS CAT II، لتأمين الهبوط في ظروف الرؤية المنخفضة.

كما يضم المطار محطتين للركاب: المبنى T1 بطاقة استيعابية 500 ألف مسافر سنويًا، والمبنى T2 الذي افتتح عام 2010 بمساحة 28 ألف متر مربع. تم رفع قدرته التشغيلية في عام 2023 إلى 3 ملايين مسافر سنويًا بفضل التوسعات الحديثة وإضافة ممرات تلسكوبية جديدة، ليصبح أنجاد ثالث أكبر مطار في المملكة من حيث السعة بعد مطاري محمد الخامس ومراكش المنارة.

المطار مزود بـ24 منصة لتسجيل الوصول، و3 سيور لاستلام الأمتعة، وصالات فسيحة للمغادرة والوصول، إضافة إلى 5 كافيتريات ومطاعم، ومتجرين للأسواق الحرة (Duty Free)، وصالة كبار الشخصيات (VIP Lounge) مجهزة بخدمات الإنترنت والضيافة. كما أضيفت خلال عام 2024 مرافق جديدة للطيران الخاص ورحلات رجال الأعمال.

النمو والإحصاءات الحديثة (2024–2025)

وفقًا لتقرير المكتب الوطني للمطارات الصادر في يناير 2025، سجل مطار وجدة أنجاد ارتفاعًا قياسيًا في حركة المسافرين خلال عام 2024، حيث بلغ عدد الركاب 945,000 مسافر، بزيادة تفوق 40% مقارنة بعام 2019 (قبل الجائحة). كما شهد المطار تشغيل أكثر من 7,800 رحلة خلال العام ذاته، منها 65% رحلات دولية.

السنة عدد المسافرين نسبة النمو
2019675,000
2022810,000+20%
2023890,000+9.8%
2024945,000+6.2%

هذا النمو يعكس أهمية وجدة كمركز اقتصادي وسياحي ناشئ، إذ بات المطار يخدم الجالية المغربية الكبيرة المقيمة في فرنسا وهولندا وبلجيكا، كما أصبح وجهة مفضلة للسياح الأوروبيين القادمين لاكتشاف المنطقة الشرقية وواحات فكيك وتاوريرت.

خطط تطوير مطار وجدة أنجاد المستقبلية

ضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل الجوي 2035، أُدرج مطار وجدة أنجاد كمحور أساسي لتطوير النقل الجوي في شرق المملكة. وتشمل الخطط المستقبلية:

  • إنشاء منطقة لوجستية جديدة للشحن الجوي بمساحة 50 هكتارًا.
  • توسعة مواقف الطائرات لتستوعب 20 طائرة في آن واحد.
  • افتتاح أكاديمية للتدريب على صيانة الطائرات بالشراكة مع الخطوط الملكية المغربية.
  • إطلاق خط مباشر إلى الدوحة في عام 2025 لتعزيز الربط مع الخليج العربي.

كما يجري العمل على إنشاء محطة للطاقة الشمسية لتزويد المطار بالكهرباء النظيفة بنسبة 60% بحلول عام 2026، في إطار التوجه الوطني نحو الطيران المستدام وتقليل البصمة الكربونية.

الأهمية الإقليمية والدولية

يمثل مطار وجدة أنجاد بوابة المغرب الشرقية نحو أوروبا، حيث يربط وجدة بعواصم رئيسية مثل باريس وأمستردام وبروكسل، إلى جانب وجهات متوسطية متنامية مثل برشلونة ونيس. كما يُعتبر المطار نقطة عبور مهمة للحجاج والمعتمرين القادمين من شرق المغرب إلى جدة والمدينة المنورة.

ومع تصاعد التعاون المغربي الأوروبي في مجالات النقل والسياحة، يتوقع الخبراء أن يتجاوز عدد المسافرين عبر المطار حاجز 1.2 مليون مسافر سنويًا بحلول عام 2026، مما يعزز مكانته ضمن شبكة المطارات الحديثة في المغرب.

الجمعة، 6 يناير 2017

رويال جيت - طيران جت الملكي

رويال جت (Royal Jet) هي شركة طيران خاص إماراتية رائدة متخصصة في تشغيل رحلات الطيران العارض والفخم لكبار الشخصيات (VIP) ورجال الأعمال، ومقرها الرئيسي في إمارة أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. تتخذ الشركة منابوظبي  مركزًا رئيسيًا لعملياتها، إضافة إلى قواعد تشغيل فرعية في مطار دبي الدولي ومطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة. وتحمل الشركة رمز الإيكاو: ROJ ورمز النداء ROYALJET، وهي غير عضوة في منظمة الإياتا (IATA). كما تمتلك مكتب تمثيل دولي في المملكة المتحدة، مقره مطار ستانستيد بلندن بالتعاون مع مكتب “ماكسمس” للخدمات الجوية.

طائرات رويال جت Royal Jet

نشأة وتطور شركة رويال جت للطيران

تأسست شركة رويال جت عام 2003، وأطلقت أولى عملياتها التجارية في شهر مايو من العام ذاته، لتصبح خلال عقدين من الزمن أحد أبرز مزودي خدمات الطيران الفاخر في الشرق الأوسط والعالم. تعود ملكية الشركة بشكل مشترك بين الطيران الأميري في أبوظبي بنسبة 50% وشركة أبوظبي للطيران بنسبة 50%. يرأس مجلس إدارتها الشيخ محمد بن حمد بن طاحون آل نهيان، أحد رواد تطوير قطاع الطيران الخاص في الإمارات.

انطلقت رويال جيت برؤية تهدف إلى تقديم تجربة طيران تجمع بين الخصوصية والترف والكفاءة التشغيلية العالية. ومنذ عام 2010 بدأت الشركة في توسيع نطاق خدماتها إلى الأسواق الإقليمية والدولية، لتشمل رحلات إلى أوروبا، آسيا، وأفريقيا، مع تزايد الطلب من العملاء الحكوميين والشركات متعددة الجنسيات. كما وسّعت نشاطها لتشمل خدمات الإخلاء الجوي الطبي والنقل الإسعافي الجوي المتطور.

الإنجازات والجوائز الدولية

حصدت رويال جت على مدار سنوات عدة ألقابًا وجوائز مرموقة تؤكد ريادتها في قطاع الطيران الخاص. ففي أكتوبر 2016، توّجت للمرة التاسعة على التوالي بجائزة أفضل شركة طيران خاص في الشرق الأوسط خلال حفل جوائز السفر العالمية الذي استضافه فندق سانت ريجيس في دبي. كما حصلت في عام 2014 على لقب مشغل طيران رجال الأعمال للعام من جوائز أعمال الطيران السنوية، وفي عام 2009 تم تصنيف مركز العمليات الثابتة (FBO) التابع لها في أبوظبي كـ “الأفضل في الشرق الأوسط” من قبل مؤسسة أخبار الطيران العالمي.

استمرت هذه النجاحات في العقد الجديد، حيث نالت الشركة في عام 2023 جائزة “أفضل مشغل طيران فاخر في العالم” من مجلة Global Aviation Review، تقديرًا لتميزها في تجربة العملاء، وخدمات الصيانة الأرضية، وإدارة الأسطول.

أسطول رويال جت

تمتلك رويال جت واحدًا من أكثر أساطيل الطيران الخاص تنوعًا وتطورًا في المنطقة، يضم 13 طائرة مخصصة لخدمة كبار الشخصيات ورجال الأعمال. يشمل الأسطول:

  • 8 طائرات من طراز Boeing Business Jet (BBJ1) – وتعد الشركة أكبر مشغل منفرد لهذا الطراز عالميًا.
  • 2 طائرة من طراز Bombardier Global 5000S – مخصصة للرحلات طويلة المدى.
  • 1 طائرة من طراز Gulfstream G300.
  • 2 طائرة من طراز Learjet 60.

وقد شهد عام 2024 تحديثًا كبيرًا للأسطول بإضافة طائرتين جديدتين من طراز Boeing Business Jet 2 (BBJ2)، مجهزتين بتقنيات اتصال عبر الأقمار الصناعية وخدمات الإنترنت فائق السرعة (Wi-Fi Ku-band)، إلى جانب نظام إدارة المقصورة الذكي “SmartCabin” الذي يسمح للركاب بالتحكم بالإضاءة والستائر ودرجة الحرارة باستخدام الأجهزة اللوحية.

تتميز طائرات رويال جيت بتصاميم داخلية استثنائية تتضمن أجنحة نوم فاخرة، صالات استقبال، غرف طعام خاصة، وأنظمة ترفيه عالية الدقة. كما توفر الشركة خيارات تخصيص للديكور الداخلي بناءً على متطلبات العملاء من الرؤساء التنفيذيين والدبلوماسيين وكبار رجال الأعمال.

خدمات رويال جيت للطيران

تقدم رويال جت مجموعة واسعة من خدمات الطيران الفاخر، مصممة لتلبية احتياجات نخبة من العملاء من الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا وآسيا. تشمل خدماتها الأساسية:

  • تأجير الطائرات الخاصة (Charter Flights): رحلات مخصصة بالكامل حسب الطلب إلى أكثر من 350 وجهة حول العالم.
  • إدارة الطائرات (Aircraft Management): خدمات احترافية لمالكي الطائرات الخاصة تشمل الصيانة والتشغيل والتأمين.
  • الإخلاء الطبي الجوي (Air Ambulance): نقل المرضى والمصابين بأحدث تجهيزات الطيران الطبي.
  • قاعدة العمليات الثابتة (FBO): خدمات أرضية متكاملة تشمل الاستقبال والصيانة والتزويد بالوقود.

وفي إطار التوجه نحو استدامة الطيران، أعلنت الشركة في عام 2025 عن بدء استخدام وقود الطيران المستدام (SAF) في بعض رحلاتها الإقليمية، بالتعاون مع شركة أدنوك للتوزيع، لتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 40%.

النمو والأداء المالي (2023–2025)

وفقًا لتقرير الأداء الصادر عن الشركة لعام 2024، حققت رويال جت نموًا في عدد الرحلات بنسبة 18% مقارنة بعام 2022، مع تنفيذ أكثر من 4,200 رحلة نحو 380 وجهة عالمية. كما سجلت الشركة ارتفاعًا في الطلب على خدمات إدارة الطائرات الخاصة بنسبة 25%، مدفوعًا بزيادة عدد الملاك الجدد في الإمارات والسعودية.

السنة عدد الرحلات نسبة النمو
20212,950
20223,550+20%
20234,100+15%
20244,200+2.4%

وبلغت إيرادات الشركة في عام 2024 ما يزيد على 450 مليون دولار أمريكي، مما جعلها أكبر شركة طيران خاص في الشرق الأوسط من حيث الإيرادات التشغيلية وعدد ساعات الطيران المنفذة.

خطة التوسع المستقبلية

أعلنت رويال جت في بداية عام 2025 عن خطة توسع استراتيجية تستهدف إضافة ثلاث طائرات جديدة بحلول عام 2026، منها طائرتان من طراز Bombardier Global 7500 للرحلات العابرة للقارات، لتغطية خطوط مباشرة بين أبوظبي ولندن ونيويورك وطوكيو. كما تعتزم الشركة افتتاح مركز صيانة متكامل للطائرات الخاصة في مدينة خليفة الصناعية (KIZAD) باستثمار يبلغ 200 مليون درهم.

وتشمل الخطة كذلك إنشاء وحدة جديدة تحت اسم Royal Jet Medical متخصصة في الرحلات الطبية عالية التقنية، وتوسيع خدمات الطيران الفاخر إلى الأسواق الأفريقية عبر شراكات تشغيلية في نيروبي وكيب تاون.

رؤية رويال جت 2030

ضمن استراتيجيتها المستقبلية “رؤية رويال جت 2030”، تهدف الشركة إلى أن تكون ضمن أفضل خمس شركات للطيران الخاص عالميًا من حيث الخدمة والتكنولوجيا والاستدامة. وتشمل محاور الرؤية:

  • التحول الرقمي الكامل في الحجز والتشغيل وإدارة الأسطول.
  • الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مراقبة أداء الطائرات وتحسين تجربة الركاب.
  • إطلاق تطبيق ذكي للحجز الفوري للطائرات الخاصة خلال دقائق.
  • الانتقال إلى استخدام وقود طيران منخفض الكربون بنسبة 100% بحلول 2030.

بفضل هذه الرؤية، تواصل رويال جيت تعزيز مكانتها كرمز للفخامة الجوية العربية، وتأكيد دورها الريادي في قطاع الطيران الخاص، مع المحافظة على معايير السلامة والجودة والخدمة الشخصية التي جعلتها الاسم الأبرز في عالم الطيران الفاخر منذ أكثر من عقدين.

الاثنين، 2 يناير 2017

الصحف الورقية هي المفضلة أثناء الطيران

كثيرة هي وسائل الترفيه على متن الطائرات، ومن الطبيعي أن تتبارى خطوط الطيران في إتاحة المزيد والمزيد من وسائل الترفيه على متن رحلاتها. فوسائل الترفيه تلعب دوراً محورياً في تسلية الركاب وجعل رحلاتهم أقل توتراً وأكثر متعة، كما أن شركات الطيران باتت تعتبر تجربة الترفيه جزءاً أساسياً من علامتها التجارية. إذ لم يعد الأمر مقتصراً على مشاهدة فيلم أو الاستماع إلى الموسيقى، بل أصبح يشمل منظومات رقمية متكاملة توفر للمسافر تجربة شخصية تفاعلية.

في العقد الأخير، تطورت أنظمة الترفيه الجوي بشكل لافت، حيث أصبحت تعتمد على شاشات عالية الدقة، واتصال إنترنت سريع عبر الأقمار الصناعية، وخدمات بث مباشر للأخبار والرياضة. كما أدخلت شركات مثل طيران الإمارات والاتحاد للطيران والخطوط القطرية تقنيات الواقع المعزز، وتطبيقات ذكية تسمح للركاب بإدارة تجربتهم بأنفسهم، من اختيار الوجبات إلى التحكم بالإضاءة والمقاعد.

ومع كل هذا التنوع، تسعى شركات الطيران باستمرار إلى قياس مدى رضا المسافرين عن أنظمة الترفيه التي تقدمها، وتطويرها بناءً على تفضيلات الركاب المختلفة. فهناك من يفضل مشاهدة الأفلام والمسلسلات، وهناك من يجد متعته في الألعاب التفاعلية أو متابعة الأخبار. ومن اللافت أن العديد من المسافرين، رغم التطور التقني الهائل، ما زالوا يفضلون وسائل الترفيه الكلاسيكية التي تمنحهم شعوراً بالهدوء والتركيز.

الصحف الورقية هي المفضلة للرئيس أوباما أثناء الطيران

الصحف الورقية هي وسيلة الترفيه المفضلة على متن الطائرات

تشير دراسة حديثة أجرتها مؤسسات بحثية متخصصة في الإعلام والطيران إلى أن الصحف الورقية ما زالت تحتفظ بمكانة مميزة لدى شريحة واسعة من المسافرين، رغم الانتشار الكبير للوسائط الرقمية. فقد أظهرت دراسة موسعة أجرتها مجموعة أبحاث الطيران الدولية بتكليف من موزع الإعلام العالمي داوسون، أن الصحف المطبوعة تتفوق على المنصات الإلكترونية في تفضيلات القراءة بين ركاب الطائرات، خصوصاً من فئة جيل الألفية.

تمت الدراسة على عينة مكونة من أكثر من 400 مسافر دائم، يمثلون ركاب 120 شركة طيران عالمية، وتم جمع البيانات خلال الفترة من أبريل 2016 حتى عام 2024 ضمن دراسات متتابعة لقياس التحول في عادات القراءة الجوية. وأظهرت النتائج أن 77% من الركاب يعتبرون وقت الرحلة فرصة مثالية للاطلاع على الأخبار ومتابعة الأحداث، ويفضلون الصحف الورقية على التطبيقات الرقمية، خصوصاً في الرحلات الطويلة.

المثير للاهتمام أن الفئة العمرية الأصغر (من 21 إلى 39 عاماً) كانت الأكثر إقبالاً على قراءة الصحف الورقية، بنسبة وصلت إلى 82%، مقارنة بـ69% للفئات فوق الأربعين عاماً. ويرى الخبراء أن هذا الاتجاه يعكس رغبة الجيل الرقمي في الانفصال عن الأجهزة والشاشات خلال الرحلات الجوية، والعودة إلى القراءة الهادئة التي تمنحهم إحساساً بالاسترخاء والتركيز بعيداً عن الإشعارات والتنبيهات المستمرة.

كما كشفت الدراسة أن الصحف الورقية لا تُعد فقط وسيلة للترفيه، بل أيضاً رمزاً للثقة والمصداقية. فـ91% من المشاركين أكدوا أن الأخبار المطبوعة أكثر موثوقية من نظيراتها الرقمية، بينما يرى 68% أن قراءة الصحف تساعدهم على تنظيم الوقت خلال الرحلات الطويلة.

ورغم أن بعض شركات الطيران قلصت توزيع الصحف لأسباب بيئية، فإن العديد منها عاد مؤخراً إلى توفيرها ضمن درجة الأعمال والدرجة الأولى، مع تقديم خيارات هجينة مثل الصحف الرقمية القابلة للتحميل قبل الإقلاع. كما قامت شركات مثل لوفتهانزا والخطوط البريطانية بتجربة توزيع أجهزة قراءة إلكترونية تحتوي على نسخ PDF من الصحف اليومية العالمية.

تحولات الترفيه الجوي في عصر التكنولوجيا

في السنوات الأخيرة، شهد قطاع الترفيه الجوي نقلة نوعية بفضل التطور التكنولوجي. إذ أصبحت أنظمة الترفيه الفردية جزءاً أساسياً من تجربة السفر، حيث توفر أكثر من 4000 ساعة محتوى مرئي وصوتي بلغات متعددة. وأصبحت شركات الطيران تتنافس في توفير محتوى محلي وعالمي يراعي الثقافات المختلفة للمسافرين.

وأدخلت بعض الشركات ميزة الاتصال بالإنترنت عالي السرعة (In-Flight Wi-Fi)، مما أتاح للمسافرين العمل أو متابعة البث المباشر أثناء الرحلة. كما انتشرت تطبيقات "المحتوى حسب الطلب" التي تتيح للراكب تحميل ما يرغب في مشاهدته قبل الصعود للطائرة، لتقليل استهلاك الشبكة أثناء الطيران.

توازن بين الرقمي والتقليدي

في حين يتزايد الاعتماد على الوسائط الرقمية، تبقى الوسائل التقليدية مثل الصحف والمجلات المطبوعة حاضرة بقوة في تجربة السفر. فالكثير من الركاب يرون في تصفح صحيفة ورقية أثناء التحليق فوق السحاب طقساً مميزاً يربطهم بزمن هادئ بعيد عن ضجيج العالم الرقمي. وربما لهذا السبب، لا تزال الصحف الورقية تُوزع في أكثر من 65% من رحلات الدرجة الأولى حول العالم في عام 2025.

وبينما يستمر سباق التكنولوجيا في تقديم مزيد من المحتوى الذكي والتفاعلي، يبدو أن الصحف الورقية ستبقى جزءاً من مشهد الطيران، ليس فقط كوسيلة ترفيه، بل كرمز للهدوء والأناقة الكلاسيكية في عالم تتسارع فيه الشاشات.

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

قرطاج للطيران - طيران كرطاقو

تُعتبر قرطاج للطيران (Karthago Airlines) – أو كما تُعرف محلياً باسم كرطاقو – واحدة من أبرز التجارب في قطاع الطيران التونسي الخاص مطلع الألفية الجديدة. تأسست كرطاقو بهدف تعزيز النقل الجوي السياحي بين تونس وأوروبا، ودعم قطاع السياحة الذي يُعد من أهم روافد الاقتصاد الوطني. يقع مقرها الرئيسي في العاصمة تونس، وتتخذ من مطار جربة جرجيس الدولي قاعدة رئيسية لعملياتها، إلى جانب محاور تشغيلية في مطار تونس قرطاج الدولي ومطار المنستير – الحبيب بورقيبة الدولي.

وتحمل الشركة رمز الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا): 5R، ورمز المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو): KAJ، ورمز النداء اللاسلكي: KARTHAGO. وقد عُرفت الشركة في بداياتها بجمعها بين أسلوب الخدمة الراقية والتكلفة التشغيلية المتوسطة، مما جعلها منافساً قوياً للشركات الوطنية مثل الخطوط التونسية ونوفلير.

قرطاج للطيران Karthago Airlines

تاريخ قرطاج للطيران وتطورها

تأسست قرطاج للطيران عام 2001 ضمن مجموعة شركات “كرطاقو القابضة” التي كان يمتلكها رجل الأعمال التونسي بلحسن الطرابلسي، أحد أبرز المستثمرين في قطاع السياحة والطيران آنذاك. وفي مارس 2002، أطلقت الشركة أولى رحلاتها التجارية، مستهدفة في المقام الأول قطاع السياحة الأوروبية الوافدة إلى تونس.

وفي عام 2003، دخلت الشركة في تحالف تشغيلي مع شركة نوفلير (Nouvelair)، لتبادل الخدمات التشغيلية والصيانة، وهو تحالف ساهم في تخفيض التكاليف وزيادة الكفاءة التشغيلية. واعتُبر ذلك خطوة مبكرة نحو تكوين تحالفات محلية في سوق الطيران التونسي الذي كان حينها محدود المنافسة.

شهد عام 2006 مرحلة توسّع مهمة؛ إذ أطلقت الشركة رحلات منتظمة تربط باريس-أورلي بجزيرة جربة، وبدأت التخطيط لفتح خطوط جديدة من ليون إلى جربة والمنستير وتونس العاصمة، مستفيدة من اتفاقية "السماء المفتوحة" بين تونس وفرنسا. كما أعلنت عن نيتها رفع نسبة الرحلات المنتظمة إلى نحو 35٪ من إجمالي عملياتها لتتحول من طيران عارض إلى ناقل شبه منتظم.

وفي أغسطس 2006، استعانت “كرطاقو” و“نوفلير” بالبنك الاستثماري الفرنسي إدموند دي روتشيلد لإجراء دراسة جدوى لاندماج محتمل بين الشركتين. وبعد أشهر من المحادثات السرية، تم التوصل في عام 2008 إلى اتفاق نهائي يقضي باندماجهما الكامل.

التحالفات الإقليمية والتوسع الدولي

سعت “قرطاج للطيران” منذ بداياتها إلى التوسع خارج الحدود التونسية، وكان من أبرز مشاريعها إنشاء شركة تابعة في مصر هي كورال بلو للطيران (KoralBlue Airlines) عام 2006، لتشغيل رحلات من شرم الشيخ إلى وجهات أوروبية. وانطلقت أولى رحلاتها في مارس 2007، مستخدمة طائرات إيرباص A320، بهدف ربط المقاصد السياحية المصرية بالأسواق الأوروبية عبر نموذج تشغيلي مشابه لما اعتمدته الشركة في تونس.

هذا المشروع عُد حينها من أوائل المحاولات التونسية لتأسيس شركة طيران خارج الحدود الوطنية، في خطوة جريئة هدفت إلى استثمار الخبرة التشغيلية للسوق التونسي في أسواق سياحية مشابهة. وقد شكلت “كورال بلو” تجربة مهمة في تصدير نموذج الطيران العارض التونسي إلى المنطقة العربية.

اندماج وتحولات كرطاج للطيران بعد 2008

في خريف عام 2008، تمت الموافقة النهائية على اندماج “قرطاج للطيران” مع “نوفلير”، حيث حصلت مجموعة “كرطاقو” على 21٪ من أسهم الكيان الجديد، بينما امتلكت “نوفلير” النسبة المتبقية 79٪. وقد تم تعيين بلحسن الطرابلسي رئيساً تنفيذياً للمجموعة الموحّدة التي احتفظت باسم “نوفلير”، ما جعل الأخيرة أكبر شركة طيران خاص في تونس في ذلك الوقت.

إلا أن الأحداث السياسية في تونس بعد عام 2011 أدت إلى مصادرة أصول مجموعة “كرطاقو” ضمن حملة استرجاع الأموال العامة، وهو ما أثّر على نشاط الشركة السابقة وموظفيها. وقد نظّم العاملون بالشركة عدة احتجاجات للمطالبة بإعادة تشغيل بعض فروعها أو دمجهم في المؤسسات الوطنية للطيران.

ملكية قرطاج للطيران وتركيبتها المالية

كانت كرطاقو مملوكة بنسبة 100٪ للقطاع الخاص، حيث امتلكت مجموعة “كرطاقو” 58٪ من رأس المال، بينما توزعت النسبة المتبقية 42٪ بين البنوك وشركات التأمين ومستثمرين من القطاع السياحي. وقد بلغت حصة الشركة من سوق الطيران التونسي في أوج نشاطها حوالي 20٪، مقابل 32٪ لشركة “نوفلير” و48٪ لشركة “الخطوط التونسية”.

الوجهات والأسطول الجوي

تركزت عمليات “قرطاج للطيران” على الوجهات الأوروبية السياحية، حيث كانت تخدم رحلات نحو كوبنهاغن وستوكهولم وطرابلس وعدد من العواصم المتوسطية. وكان أسطولها يتكوّن من ست طائرات بوينغ B737-300 بسعة 148 مقعداً في الدرجة الاقتصادية. وتميزت طائراتها بتصميم داخلي بسيط ومريح، يلائم رحلات السياحة قصيرة ومتوسطة المدى.

الأهمية الاقتصادية والسياحية

لعبت “كرطاقو” دوراً محورياً في تعزيز السياحة التونسية خلال العقد الأول من الألفية، إذ ساهمت في استقطاب مئات الرحلات السياحية من شمال أوروبا، خصوصاً من الدنمارك والسويد، وهما سوقان واعدان للسياحة في تونس. كما ساعدت الشركة في تعزيز الروابط بين الجاليات التونسية في أوروبا وبلدهم الأم، حيث تجاوز عدد التونسيين المقيمين في الدول الاسكندنافية آنذاك 8,000 شخص.

وإلى جانب الجانب الاقتصادي، كانت الشركة مثالاً على الانفتاح التشغيلي في قطاع الطيران الخاص بتونس، إذ فتحت الباب أمام شركات جديدة مثل سيفاكس إيرلاينز والطيران الجديد للمنافسة في سوق النقل السياحي الدولي.

قرطاج للطيران بعد 2011: من التجربة إلى الإرث

بعد الاضطرابات السياسية في تونس عام 2011، توقفت معظم عمليات “قرطاج للطيران” نتيجة لمصادرة أصولها وتغيير البنية القانونية لمجموعة “كرطاقو”. ومع ذلك، لا يزال إرث الشركة حاضراً في قطاع الطيران التونسي حتى اليوم، سواء من حيث نموذج العمل أو الكوادر التشغيلية التي واصلت العمل في شركات أخرى.

وفي السنوات الأخيرة (2023–2025)، عادت بعض النقاشات حول إمكانية إحياء العلامة التجارية "كرطاقو" في إطار مشاريع استثمارية جديدة ضمن سياسة الحكومة التونسية لتشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الطيران، خصوصاً بعد تحسن حركة السياحة الأوروبية بنسبة 17٪ خلال عام 2024.

وبينما لم تعُد الشركة تعمل فعلياً، فإنها لا تزال تُذكر كإحدى التجارب الرائدة في تاريخ الطيران الخاص بتونس، ومثالاً على كيفية مزج السياحة والطيران والاستثمار في مشروع وطني طموح.

تحليل حديث لقطاع الطيران التونسي (2024–2025)

يشهد قطاع الطيران التونسي في عامي 2024–2025 مرحلة إعادة هيكلة شاملة تحت إشراف وزارة النقل التونسية وهيئة الطيران المدني. وقد ارتفع عدد المسافرين عبر المطارات التونسية بنسبة 21٪ مقارنة بعام 2022، مع استعادة شبه كاملة لحركة ما قبل الجائحة. وأبرز الملاحظات:

  • الخطوط التونسية تواصل استراتيجيتها في تجديد الأسطول بدخول طائرات إيرباص A320neo وA321LR إلى الخدمة.
  • نوفلير توسعت في الوجهات الأوروبية، خصوصاً فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وبلغت نسبة إشغال مقاعدها في صيف 2024 نحو 88٪.
  • سيفاكس إيرلاينز استأنفت رحلاتها بعد توقف طويل، مستفيدة من دعم حكومي جزئي وفتح وجهات جديدة إلى غرب إفريقيا.

في هذا السياق، تبقى تجربة “قرطاج للطيران” مرجعاً تاريخياً في كيفية الربط بين السياحة والطيران الخاص، وقد أثّرت فلسفتها التشغيلية في الشركات التي جاءت بعدها. ويرى خبراء الطيران التونسي أن إحياء مثل هذا النموذج بات ممكناً بفضل التوجه نحو الخصخصة الجزئية وفتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ومع ازدياد الرحلات السياحية القادمة إلى تونس بنسبة 18٪ في النصف الأول من 2025، يجري الحديث عن تأسيس مشغلين جدد للطيران منخفض التكلفة وطيران الأعمال، مما قد يعيد إحياء فكرة "الناقل السياحي الوطني الخاص" التي مثّلتها كرطاقو قبل عقدين.

وبذلك، تبقى “قرطاج للطيران” علامة فارقة في تاريخ الطيران التونسي، إذ كانت الجسر الذي ربط بين القطاع الخاص والسياحة الدولية، وفتحت الطريق أمام عصر جديد من التنافسية والانفتاح في سماء تونس.

دليلك الى اتيكيت الطيران

دليلك الشامل إلى إتيكيت السفر الجوي: كيف تكون راكباً ذكياً ومحبوباً في الأجواء

عندما تصعد إلى الطائرة، تذكّر أنك تدخل مساحة مشتركة تجمعك بعشرات أو مئات الأشخاص المختلفين في الطباع والثقافة والعادات. فالرحلة الجوية ليست مجرد وسيلة انتقال من نقطة إلى أخرى، بل تجربة اجتماعية عابرة للحدود، تتطلب منك قدراً من الكياسة، واللباقة، والصبر، وضبط النفس.

في السنوات الأخيرة، ومع عودة الطيران العالمي إلى كامل طاقته بعد الجائحة، أصبحت مسألة سلوك الركاب على متن الطائرة من أبرز القضايا التي تهتم بها شركات الطيران وهيئات السلامة الجوية. إذ أظهرت تقارير الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) لعام 2024 أن حوادث “السلوك غير المنضبط” بين الركاب زادت بنسبة 35% مقارنة بعام 2019، مما دفع العديد من الشركات إلى إطلاق برامج توعية حول إتيكيت الطيران ضمن مبادرات “السفر الآمن والمريح”.

دليلك إلى اتيكيت الطيران Your guide to aviation etiquette

لماذا أصبح إتيكيت الطيران أكثر أهمية في 2025؟

يشير خبراء الضيافة الجوية إلى أن الضغوط النفسية التي تصاحب السفر – كضيق الوقت، وتعب الانتظار، والخوف من الطيران – تجعل الركاب أكثر عرضة للانفعال. لكن الدراسات الحديثة تؤكد أن اللباقة على متن الطائرة تقلل من احتمالات الشجار أو سوء التفاهم بنسبة تصل إلى 70%.

فالسلوك الإيجابي لا ينعكس فقط على راحتك الشخصية، بل على سلامة الرحلة وانسيابية الخدمة. شركات مثل الخطوط السنغافورية وطيران الإمارات والقطرية باتت تدرّب أطقمها على "التعامل الهادئ مع الراكب المزعج"، لكنها تؤكد أن الوقاية تبدأ من الركاب أنفسهم.

أكثر الأفعال إزعاجاً على متن الطائرة

رغم أن الطيران تجربة راقية، إلا أن بعض التصرفات قد تحوّلها إلى معاناة حقيقية. ومن أبرز السلوكيات التي صنفتها شركات الطيران بأنها “غير مقبولة” في تقارير 2024–2025:

  • التدافع أو التزاحم أثناء الصعود أو النزول من الطائرة.
  • التحدث بصوت مرتفع أو إجراء مكالمات طويلة قبل الإقلاع وبعد الهبوط.
  • تشغيل الموسيقى أو ألعاب الهاتف دون سماعات أذن.
  • الاستحواذ على المساند المشتركة بين المقاعد دون اعتبار للآخرين.
  • التحرك المستمر من وإلى المقعد بلا داعٍ.
  • تخزين الحقائب بطريقة عشوائية أو نقل أمتعة الركاب الآخرين.
  • قص الأظافر أو تغيير حفاضات الأطفال في المقعد بدلاً من دورة المياه.

وقد أظهرت إحصاءات إياتا أن أكثر من 45% من شكاوى الركاب في الرحلات الأوروبية لعام 2024 تتعلق بالضجيج وسوء السلوك الاجتماعي داخل المقصورة.

كيف تتعامل بلطف وذكاء مع هذه المواقف؟

ينصح خبراء الإتيكيت بأن تبدأ دائماً بـ الافتراض الحَسَن، أي أن تتخيل أن الشخص المزعج لا يقصد الإساءة. التواصل الهادئ بعبارة لطيفة مثل “أعتذر، هل يمكنك خفض الصوت قليلاً؟” يكون أكثر فاعلية من التوبيخ أو النظرات الغاضبة.

وفي حال لم يتحسن الوضع، يُفضل اللجوء إلى طاقم الضيافة، الذي يمتلك صلاحيات التعامل مع السلوكيات المزعجة وفق بروتوكولات السلامة. وتُظهر دراسات الضيافة الجوية أن 90% من الخلافات بين الركاب تُحل خلال دقيقتين فقط إذا تم التعامل معها بهدوء واحترام.

إتيكيت الصعود والنزول من الطائرة

التدافع أثناء الصعود أو النزول من أكثر السلوكيات شيوعاً. ينصح خبراء السفر بأن تعتبر نفسك في مسرح جماعي لا سباق سرعة، فكل راكب لديه مقعد محدد، والطائرة لن تُقلع بدونك.

بعد الهبوط، تذكّر أن الوقوف المبكر في الممر أو فتح الخزائن العلوية قبل إشارة “فك الأحزمة” مخالف لتعليمات السلامة وقد يؤدي إلى إصابات، إذ سجلت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) في عام 2023 أكثر من 120 حادثة إصابة طفيفة بسبب سقوط الحقائب أثناء التزاحم.

احترام المساحة الشخصية

المقعد في الطائرة يمثل حدودك الخاصة، ومن الذوق ألا تتعداها. لا تُفرد مقعدك للخلف بشكل كامل خصوصاً أثناء تناول الطعام، ولا تضع أمتعتك تحت المقعد المجاور أو في حيز غيرك.

يمكنك الترحيب بجارك بابتسامة وكلمة بسيطة مثل “رحلة سعيدة”، لكن لا تتمادى في الحديث إذا بدا عليه الانشغال. فالإتيكيت هنا يعني معرفة متى تبدأ الحديث ومتى تنهيه بلباقة.

  • استعمل سماعات الأذن دائماً عند تشغيل أي وسائط.
  • اطلب المساعدة من طاقم الضيافة بدلاً من تحريك أمتعة الآخرين بنفسك.
  • تجنّب استخدام العطور القوية أو المستحضرات ذات الروائح النفاذة.
  • لا تقم بتبديل المقاعد دون استئذان.

التعامل مع الراكب المزعج أو المستفز

إذا واجهت راكباً يتصرف بعدوانية أو يثير ضجة، حاول أولاً تجاهل السلوك أو الرد بابتسامة محايدة. فالدخول في جدال قد يفاقم الموقف ويعرّضك للمساءلة.

وإذا استمر السلوك المزعج، يمكنك تنبيه طاقم الضيافة بهدوء، فهم مدربون على احتواء هذه المواقف وفق بروتوكولات معتمدة من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO). كما أن العديد من شركات الطيران في 2025 باتت تستخدم كاميرات مراقبة ذكية داخل المقصورة لتوثيق السلوكيات العدوانية بشكل غير تدخلي.

أثر السلوك الراقي على تجربة السفر

أظهرت دراسة مشتركة بين جامعة جنيف وIATA عام 2024 أن الركاب الذين يوصفون بأنهم “إيجابيون اجتماعياً” يتمتعون بتجربة سفر أكثر رضا بنسبة 28% من غيرهم. كما أن طاقم الضيافة يميل إلى تقديم خدمة أسرع وأكثر وداً للركاب المتفهمين والمتعاونين.

نصائح عملية لرحلة مثالية

  • احجز مقعدك مسبقاً لتجنب التوتر أثناء الصعود.
  • نم جيداً قبل السفر لتقلل من التوتر والإرهاق.
  • اشرب الماء بكثرة وتجنّب الإفراط في الكافيين أو الكحول.
  • احمل معك سدادات أذن أو سماعات مانعة للضجيج إذا كنت حساساً للأصوات.
  • كن مرناً ومتفهماً، فالرحلة قد تشمل تأخيرات أو اضطرابات جوية خارجة عن السيطرة.

إتيكيت الطيران في المستقبل

مع التطور التقني في الطائرات الحديثة، أصبح الركاب يتمتعون بمساحات أكبر، وأنظمة ترفيه فردية، وشحن ذكي للأجهزة. لكن يبقى السلوك البشري هو العامل الأهم في جعل الرحلة تجربة ممتعة للجميع.

بحلول عام 2025، بدأت بعض الشركات في اعتماد “مؤشرات السلوك الإيجابي” ضمن تقييم الركاب الدائمين، بحيث يحصل المسافرون الهادئون والمتعاونون على نقاط إضافية في برامج الولاء. خطوة تهدف إلى ترسيخ مفهوم أن الاحترام واللباقة هما تذكرة الراحة الحقيقية في الجو.

في النهاية، تذكّر أن الطائرة ليست ملكاً لأحد، بل هي فضاء مشترك مؤقت. فكلما احترمت الآخرين، كنت أنت أول المستفيدين من تجربة سفر أكثر راحة، وأكثر إنسانية.


تحديث 2025: نشرت وكالة الطيران الأوروبية (EASA) في تقريرها السنوي أن الرحلات التي شهدت "تعاوناً إيجابياً" بين الركاب وطاقم الضيافة انخفضت فيها البلاغات السلبية بنسبة 64%. هذه الأرقام تؤكد أن التهذيب ليس مجرد سلوك، بل هو عنصر من عناصر السلامة الجوية.

بطاقة سريعة لإتيكيت السفر الجوي

✔️ يُستحسن ❌ يُمنع أو يُتجنّب
التحلي بالصبر أثناء الصعود والنزول التدافع أو الوقوف قبل إشارة فك الأحزمة
استخدام سماعات الأذن عند تشغيل الوسائط تشغيل الموسيقى أو الفيديو بصوت مرتفع
مساعدة كبار السن أو العائلات في الأمتعة نقل حقائب الآخرين دون إذن
الحديث اللبق والهادئ مع الجيران الثرثرة المفرطة أو التحدث بصوت مرتفع
الالتزام بالمساحة الشخصية المحددة لك فرد المقعد للخلف بشكل مفرط أو استخدام مساند الآخرين
طلب المساعدة من طاقم الضيافة بلطف التجادل أو رفع الصوت مع الطاقم أو الركاب
استخدام العطور الخفيفة والمقبولة استعمال عطور قوية أو أطعمة ذات روائح نفاذة
اتباع تعليمات السلامة بدقة التهاون أو التلاعب بمعدات السلامة
التصرف بإيجابية في حالات التأخير أو الاضطراب إظهار الغضب أو التذمر العلني

🌍 كن سفيراً لبلدك في الجو — فالسلوك الراقي يحلّق أعلى من كل الطائرات.

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

مطار العاصمة الدولي - مطار العاصمة الادارية المصرية

مطار العاصمة الدولي  Capital International Airport: البوابة الذكية لعصر النقل الجوي الحديث

مطار العاصمة الدولي إياتا: CCE، ايكاو: HECP

يُجسّد مرحلة جديدة في تاريخ الطيران المصري، ليس فقط كمرفق تشغيلي حديث، بل كمشروع وطني يمثل جوهر التحول نحو بنية تحتية متطورة تعتمد على التكنولوجيا والاستدامة. يقع المطار على بُعد نحو 45 كيلومترًا شرق القاهرة، داخل نطاق العاصمة الإدارية الجديدة، ليكون المركز الجوي الأحدث الذي يربط بين المدن الصناعية والسياحية والمناطق اللوجستية في قلب مصر الحديثة.

منذ انطلاق تشغيله التجريبي عام 2020، أظهر مطار العاصمة الدولي تميزًا واضحًا في تصميمه المعماري واستخدامه للأنظمة الذكية في إدارة العمليات، مثل المراقبة الرقمية، والتحكم في الحركة الجوية، وإدارة الأمتعة بشكل مؤتمت بالكامل. ومع اكتمال البنية التشغيلية في 2025، أصبح المطار جزءًا محوريًا من خطة الدولة لتخفيف الضغط عن مطار القاهرة الدولي وتوزيع الحركة الجوية على نطاق أوسع.

مطار العاصمة الدولي

من فكرة إلى إنجاز: مسيرة بناء مطار العاصمة

ولدت فكرة إنشاء مطار العاصمة الدولي بالتوازي مع إطلاق مشروع العاصمة الإدارية الجديدة عام 2015، كجزء من رؤية الدولة لبناء مدينة متكاملة تمتلك جميع مقومات الاتصال العالمي. بدأ التنفيذ العملي عام 2018 بقيادة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وبمشاركة شركات مصرية متخصصة في البنية التحتية والمطارات.

مرحلة التخطيط والتأسيس (2015-2017)

  • إجراء دراسات جدوى فنية وهندسية لتحديد الطاقة التشغيلية المناسبة وتقدير حركة المسافرين المستقبلية.
  • اختيار الموقع شرق القاهرة على مقربة من طريق العين السخنة لتوفير ربط مباشر بالموانئ والمناطق الصناعية.
  • وضع الأسس الأولى لتصميم يعتمد على الكفاءة التشغيلية وتقنيات الإدارة الرقمية.

مرحلة التنفيذ والتجهيز (2018-2022)

  • بدء أعمال الإنشاء والحفر وتأسيس المدارج وصالات الركاب الأولى.
  • تطبيق أنظمة متطورة للمراقبة الجوية وأمن المعلومات، تمهيدًا للتشغيل التجريبي.
  • إطلاق أولى الرحلات الاختبارية عام 2022 لتقييم الجاهزية التشغيلية والتأكد من كفاءة الخدمات الأرضية.

مرحلة التطوير المستمر (2023-2025)

  • تحديث البنية التحتية وربط المطار بشبكة القطار الكهربائي السريع الذي بدأ تشغيله في منتصف 2025.
  • توسيع منطقة الخدمات اللوجستية لتشمل مراكز تخزين وشحن متقدمة.
  • توقيع اتفاقيات تعاون مع شركات الطيران الوطنية والإقليمية لضمان تشغيل منتظم ومتنوع الوجهات.

مواصفات رئيسية

  • الموقع: شرق العاصمة الإدارية الجديدة بين القاهرة والعين السخنة.
  • الرمز الدولي: متوقع اعتماده رسميًا خلال 2026.
  • المساحة: تتجاوز 16 كيلومترًا مربعًا.
  • عدد المدارج: 2 مع خطة مستقبلية لزيادتها إلى 4.
  • المشغل: الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية.

موقع استراتيجي يُعيد رسم خريطة النقل في مصر

لا يُعتبر مطار العاصمة الدولي مجرد منفذ جوي جديد، بل محورًا جغرافيًا يربط بين القاهرة الكبرى والمدن الجديدة والمناطق الساحلية. فهو يقع على خط الربط بين السويس والعين السخنة والقاهرة، ما يمنحه موقعًا استراتيجيًا يجعل الوصول إليه سهلًا وسريعًا عبر الطرق السريعة والقطار الكهربائي.

  • يتصل مباشرة بشبكة الطرق القومية الحديثة مثل طريق السويس والعين السخنة.
  • يرتبط بالمشروعات الحكومية الكبرى والمناطق السكنية والإدارية في العاصمة الجديدة.
  • يُعد مركزًا متناميًا للشحن الجوي والخدمات اللوجستية.
  • يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في المراقبة والأمن وإدارة الطاقة.
  • يُتوقع أن يخدم أكثر من 30 مليون مسافر سنويًا مع اكتمال المرحلة الثالثة للتوسع.

في حين يركز مطار سفنكس على الرحلات السياحية الخاصة بمنطقة الجيزة، ومطار برج العرب على خدمة الإسكندرية والدلتا، فإن مطار العاصمة يمثل «المحور المركزي» الجديد الذي يربط بين جميع الاتجاهات في مصر.

شركات الطيران والوجهات الأولى

بدأت المرحلة التشغيلية الأولى بتعاون مع عدة شركات طيران مصرية وعربية تهدف إلى اختبار كفاءة التشغيل والخدمات. ومن المتوقع أن يتوسع جدول الرحلات تدريجيًا ليشمل وجهات أوروبية وآسيوية إضافية خلال عام 2026.

  • مصر للطيران: الشركة الوطنية التي تتولى تسيير الرحلات الداخلية والإقليمية الرئيسية.
  • أير كايرو: ناقل اقتصادي للرحلات القصيرة والمتوسطة.
  • نايل إير: تشغّل رحلات إقليمية وأوروبية موسمية.
  • النسما للطيران: رحلات للحج والعمرة والوجهات السياحية.

تشمل الوجهات المبدئية للمطار المدن الساحلية والسياحية الكبرى، إلى جانب نقاط خليجية وأوروبية مختارة:

الوجهة الدولة نوع الرحلة
الغردقةمصرداخلية / سياحية
الإسكندريةمصرداخلية
جدةالسعوديةدينية / موسمية
دبيالإماراتتجارية / عمل
فرانكفورتألمانياسياحية / أوروبية

الاختلاف التكنولوجي والابتكاري

يمتاز مطار العاصمة الدولي بأنه أول مطار مصري بُني من الصفر وفق معايير المطارات الذكية، إذ جرى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في كل أنظمة التشغيل منذ مرحلة التصميم. ويعتمد المطار على الحلول الرقمية لإدارة العمليات التشغيلية والأمنية، بما في ذلك أنظمة الجوازات الذاتية، والتحقق البيومتري، ومراقبة الطاقة المستدامة.

  • تصميم ذكي: بنية معمارية مرنة صديقة للبيئة.
  • دمج حضري: جزء متكامل من نسيج العاصمة الإدارية وليس منشأة منفصلة.
  • تحول رقمي: أتمتة كاملة لعمليات السفر والدخول والمغادرة.
  • استدامة الطاقة: اعتماد جزئي على الطاقة الشمسية لتشغيل الأنظمة الأساسية.

وبينما تواصل مطارات مثل أسيوط وسوهاج تطوير بنيتها التشغيلية تدريجيًا، فإن مطار العاصمة الدولي يقدم نموذجًا متقدمًا لما يُعرف بـ «الجيل القادم من المطارات المصرية».

رؤية التوسع حتى عام 2035

تتبنى الدولة خطة طويلة المدى لتوسيع مطار العاصمة الدولي وتحويله إلى مركز محوري للنقل الجوي الإقليمي، من خلال مراحل متتابعة تشمل تطوير مرافق الركاب، وتوسيع ساحات الشحن، وجذب شركات الطيران العالمية.

المرحلة الحالية (2024–2026)

  • تشغيل صالة الركاب الرئيسية وربطها فعليًا بالقطار الكهربائي السريع.
  • توسيع حركة الرحلات الداخلية والموسمية لتلبية الطلب السياحي المتزايد.
  • إطلاق المرحلة الأولى من المنطقة اللوجستية المخصصة للشحن والتخزين.

المرحلة التالية (2027–2030)

  • إنشاء صالة ثانية للرحلات الدولية.
  • زيادة الطاقة الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 25 مليون مسافر سنويًا.
  • توسيع ممرات الإقلاع والهبوط وتعزيز الخدمات الأرضية.

الرؤية المستقبلية (2035)

  • تحويل المطار إلى مركز إقليمي رئيسي يربط بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا.
  • تعزيز الاستثمارات في قطاع الطيران والخدمات اللوجستية.
  • تقديم تجربة سفر رقمية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

أهمية المطار للاقتصاد المصري

  • 🏙️ يدعم العاصمة الإدارية: يربط المدينة الجديدة بالعالم ويعزز مكانتها كمركز إقليمي.
  • 🚗 يخفف الضغط عن القاهرة: يوزع حركة المسافرين ويقلل الازدحام في مطار القاهرة الدولي.
  • 💼 يوفر فرص عمل: يخلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة في مجالات النقل والخدمات.
  • 🌍 يعزز السياحة: يسهل وصول الزوار إلى المقاصد السياحية المصرية ويزيد من تنافسية مصر في سوق الطيران الإقليمي.
انفوجرافيك مطار العاصمة الدولي

مطارات مصرية أخرى

تعرف على مزيد من المطارات المصرية ضمن شبكة النقل الجوي الوطني:

مطار الغردقة الدولي
مطار الأقصر الدولي
مطار سفنكس الدولي
مطار العلمين الدولي
مطار برج العرب
مطار أسيوط الدولي
مطار سوهاج الدولي
مطار شرم الشيخ الدولي

يُعد مطار العاصمة الدولي تجسيدًا لرؤية مصر الجديدة نحو بنية تحتية ذكية ومستدامة، ومثالًا حيًا على التقاء التطوير العمراني بالتقدم التكنولوجي في قطاع النقل الجوي.

الأسئلة الشائعة عن مطار العاصمة

هل يعمل مطار العاصمة الدولي حاليًا؟

حاليًا، المطار في مرحلة التشغيل التجريبي، مع اختبارات تقنية وتشغيل أول مدرج، ولكن لم تبدأ الرحلات المنتظمة بعد.

ما هي أقرب مدينة لمطار العاصمة؟

أقرب مدينة كبيرة هي العاصمة الإدارية الجديدة، التي تبعد أقل من 10 كم، كما يُمكن الوصول إليه من القاهرة خلال 45 دقيقة.

هل سيحل مطار العاصمة محل مطار القاهرة؟

ليس تمامًا، لكنه سيُخفف الضغط عنه وسيتولى الرحلات الحكومية، والداخلية، وبعض الرحلات الدولية.

ما هي الشركات التي ستُشغل من المطار؟

من المتوقع أن تكون مصر للطيران وأير كايرو من أولى الشركات، تليهما نايل إير والنسما.

هل يُمكن زيارة المطار الآن؟

لا، المطار غير مفتوح للجمهور حاليًا، باستثناء فرق العمل والمهندسين.

ما هي أهمية المطار الاستراتيجية؟

يُعد دعامة رئيسية لنجاح العاصمة الإدارية، ويعزز مكانة مصر كمركز لوجستي في المنطقة.

هل سيتم ربط المطار بقطار سريع؟

نعم، هناك مشروع قطار كهربائي مباشر من محطة المطار إلى وسط العاصمة الإدارية، وسيتم الانتهاء منه قريبًا.

ما هو كود مطار العاصمة؟

كود مطار العاصمة من الإياتا: CCE، كود مطار العاصمة من منظمة الإيكاو: HECP.

ما هي الوجهات الأولى المتوقعة؟

تشمل الغردقة، شرم الشيخ، جدة، دبي، وفرانكفورت كأولى الوجهات الداخلية والدولية.

الاثنين، 26 ديسمبر 2016

مطار أطار الدولي: بوابة آدرار الجوية

مطار أطار الدولي: البوابة الجوية لقلب الصحراء الموريتانية

يُعد مطار أطار الدولي (Atar International Airport) المنفذ الجوي الرئيسي لمنطقة آدرار في الجمهورية الإسلامية الموريتانيا، حيث يشكل محوراً حيوياً للربط بين مطار نواكشوط الدولي والمناطق الشمالية الغربية من البلاد. يتمتع المطار بموقع استراتيجي مميز في مدينة أطار، عاصمة ولاية آدرار التي تبعد مسافة 435 كيلومتراً عن العاصمة نواكشوط، مما يجعله نقطة عبور مهمة نحو الحدود الشمالية مع الجزائر ومدينة تندوف المجاورة. يحمل المطار رمز الإياتا: ATR ورمز الإيكاو: GQPA، وهو مجهز بالكامل لاستقبال مختلف أنواع الرحلات الجوية بما فيها الرحلات الداخلية والدولية والطيران الخاص والعارض.

التطور التاريخي لمطار أطار الدولي

يمتد التاريخ التشغيلي لمطار أطار الدولي عبر عقود من التطور المستمر، حيث تشير السجلات التاريخية إلى أن المطار شهد نشاطاً ملحوظاً خلال فترة الحرب العالمية الثانية عندما استخدمته القوات الجوية الأمريكية كمحطة رئيسية لعمليات الشحن الجوي ونقل الأفراد عبر خط القاهرة-داكار في شمال أفريقيا. وقد شكل المطار حلقة وصل حيوية في شبكة الطرق الجوية التي ربطت بين مطار نواذيبو الدولي في الجنوب ومطار أغادير في الشمال. وعلى الرغم من عدم توثيق التاريخ الدقيق لإنشاء المطار بشكل قاطع، إلا أن الأرشيف التاريخي يشير إلى عدم تسجيل أي حوادث طيران كبيرة في محيط المطار عبر تاريخه التشغيلي الطويل.

مطار أطار الدولي Atar International Airport

البنية التحتية ومرافق مطار أطار المتطورة

يتميز مطار أطار الدولي ببنية تحتية متطورة تشمل مدرج هبوط وإقلاع رئيسي مصنوع من الأسفلت عالي الجودة، ويمتد بطول 3004 أمتار وعرض 30 متراً، مع تصنيف اتجاهي 22/04 يضمن سلامة العمليات الجوية في مختلف الظروف المناخية. كما يشمل المطار برج مراقبة جوية مجهز بأحدث أنظمة الملاحة والاتصالات ومراقبة الطقس، بالإضافة إلى مبنى ركاب حديث يحتوي على مناطق متكاملة للجوازات والجمارك وخدمات المسافرين. وقد خضع المطار مؤخراً لعمليات تطوير شاملة لتعزيز قدرته الاستيعابية ومواكبة المعايير الدولية في مجال السلامة والأمن الجوي.

الدور الاستراتيجي والاقتصادي

يؤدي مطار أطار الدولي دوراً محورياً في دفع عجلة التنمية السياحية والاقتصادية في منطقة آدرار، التي تُعد الوجهة السياحية الأولى في موريتانيا بفضل واحاتها الخلابة ومواقع الجذب التاريخي والطبيعي الفريدة. وتشكل السياحة في ولاية آدرار أحد أهم روافد الاقتصاد المحلي، حيث توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية المحلية. وتشير الإحصاءات الحديثة إلى أن القطاع السياحي في آدرار يشهد نمواً مطرداً بنسبة 12% سنوياً، مما يعكس الأهمية المتزايدة للمطار كبوابة رئيسية للسياحة الوافدة.

تمتد ولاية آدرار كواحدة من أكبر المناطق الإدارية في موريتانيا، وتستمد اسمها من هضبة أدرار الشهيرة. وتضم المنطقة بالإضافة إلى عاصمتها أطار، مدنًا تاريخية مهمة مثل شوم وشنقيط ووادان. وتتمتع المنطقة بموقع جغرافي فريد، حيث تحدها الصحراء الغربية ومنطقة زمور من الشمال، ومالي ومنطقة هود الشرقية من الشرق، ومنطقتي الترارزة وتكانت من الجنوب، ومنطقة إينشيري من الغرب.

تُظهر الاكتشافات الأثرية في منطقة آدرار، حيث يقع مطار أطار الدولي، شواهد حية على تعمير المنطقة منذ العصر الحجري الحديث، كما تتجلى في اللوحات الكهفية والمنحوتات الصخرية المنتشرة في مواقع مثل أغور أمججر. وقد ساعد المناخ الجاف في الحفاظ على الكثير من الآثار في حالة ممتازة، أبرزها الدوائر الحجرية الأثرية مثل دائرة أحجار عطار ومدينة أزوقي التاريخية. وشهدت المنطقة تحولات ديموغرافية مهمة ابتداءً من منتصف القرن السابع عشر، عندما انتقل سكان من هضبة أدرار إلى هضبة تكانت محققين تغييرات ديموغرافية وثقافية مهمة.

تتربع مدينة أطار على قمة هضبة آدرار الشامخة، وتتميز بموقعها القريب من المعالم الطبيعية الفريدة مثل بركان قلب الريشات الخامد، كما تبعد مسافة 8 كيلومترات فقط عن مدينة آزوكي التاريخية العريقة. وتشكل أطار مع مدن شنقيط ووادان وأوجفت شبكة من المدن المترابطة ثقافياً وتاريخياً، مما يجعلها مقصداً للباحثين عن التجارب السياحية الفريدة.

الشركات الجوية العاملة في مطار أطار الدولي

يشهد مطار أطار الدولي حركة ملاحة جوية متنامية تشمل عدداً من الشركات الجوية العالمية والإقليمية، أبرزها خطوط ASL Airlines والخطوط الجوية الموريتانية التي تشغل رحلات منتظمة بين العاصمة الفرنسية باريس ومدينة أطار، مطار النعمة ومطار ازويرات. وقد شهدت الحركة الجوية في المطار تطوراً ملحوظاً بعد تحسين الظروف الأمنية في المنطقة، حيث انتقل التصنيف السياحي لموريتانيا من اللون الأحمر إلى البرتقالي وفقاً لتقارير الدبلوماسية الفرنسية، مما مهد لاستئناف الرحلات الجوية المنتظمة منذ موسم عيد الميلاد 2017. وتشير إحصاءات 2023 إلى أن المطار يستقبل أكثر من 50 رحلة شهرية تشمل أيضاً رحلات موريتانيا للطيران بمعدل إشغال يصل إلى 78%.